تزلُّ الليالي مرة ً وتصيبُ
|
و يعزبُ حلمُ الدهرِ ثمَّ يثوبُ
|
و تستلقحُ الآمالُ بعدَ حيالها
|
أواناً وينأى الحظُّ ثم يؤوبُ
|
و لولا قفولُ الشمس بعد أفولها
|
هوتْ معها الأرواحُ حين تغيبُ
|
تنظرْ وإن ضاقت بصدرٍ رحابهُ
|
فروج صلاحٍ ذرعهنّ رحيبُ
|
فما كلُّ عينٍ خالجتك مريضة ٌ
|
و خطفة ِ برقٍ خالستك خلوبُ
|
قضتْ ظلماتُ البعدِ فيك قضاءها
|
فصبحا فهذا الفجرُ منك قريبُ
|
بدتْ أوجهُ الأيام غراً ضواحكا
|
و كنَّ وفي استبشارهنّ قطوبُ
|
و طارحنني عذرَ البريءِ وربما
|
سبقنَ وفي أعذارهنّ ذنوبُ
|
أرى كبدى قد أثلجتْ في ضلوعها
|
و كانت على جمرِ الفراقِ تذوبُ
|
و راحت إليها بعدَ طول التياحها
|
صباً قرة ٌ تندى لها وتطيبُ
|
سرى الفضلُ من ميسانَ يشرقُ بعدما
|
أطال دجى الزوراءِ منه غروبُ
|
و هبت رياح الجودِ بشرى بقربهِ
|
لها سالفٌ من نشرها وجنيبُ
|
و ما خلتُ أن البدرَ يطلعُ مصعدا
|
و لا أنَّ ريحَ المكرماتِ جنوبُ
|
تزاحمتِ الأيامُ قبلَ لقائه
|
بجنبيَّ من ذنب الفراقِ تتوبُ
|
و تفسمُ لي أيمانَ صدقٍ بأنْ غداً
|
تراه وبعضُ المقسمينَ كذوبُ
|
و قد زادني شكرا لحسنِ وفائها
|
بما وعدتْ أنَّ الوفاءَ غريبُ
|
كفى البين أني لنتُ تحتَ عراكهِ
|
و خرتُ وعودي في الخطوبِ صليبُ
|
و قاربتُ من خطوى رضاً بقضائهِ
|
و لي بين أحداثِ الزمانِ وثوبُ
|
حملتُ وسوقَ البعدِ فوق أضالع
|
من الثقلِ عضاتٌ بها وندوبُ
|
أخبُّ حذارَ الشامتينَ تجلدا
|
بهنّ وما تحتَ الخبالِ نجيبُ
|
فإن تعقبِ الأيامُ حسنى تسوءها
|
فللصبرِ أخرى حلوة ٌ وعقيبُ
|
سمتْ أعينٌ مغضوضة ٌ وتراجعتْ
|
إلى أنسها بعد النفور قلوبُ
|
و عادت تسرّ الرائدين خميلة ٌ
|
تعاورها بعدَ الحسين جدوبُ
|
فماءُ الندى عذبُ اللصابِ مرقرقٌ
|
و غصنُ المنى وحفُ النباتِ رطيبُ
|
سيلقى عصاهُ وادعاً كلُّ خابطٍ
|
على الرزقِ يطوى أرضه ويجوبُ
|
و هل ينفضُ الجوَّ العريضَ لنجعة ٍ
|
أريبٌ وأوديه أعمُّ خصيبُ
|
أقولُ لآمالي وهنّ رواقدٌ
|
خذي أهبة َ اليقظانِ حانَ هبوبُ
|
إذا الصاحبُ استقبلت غرة َ وجههِ
|
بدا قمرٌ واف وماسَ قضيبُ
|
و لم تفتحي الأجفانَ عن طرف لافتٍ
|
إلى نائباتِ الدهرِ حين تنوبُ
|
سلامٌ وحيا اللهُ والمجدُ سنة ً
|
لها في دجناتِ الظلامِ ثقوبُ
|
و زادت علاءً في الزمان وبسطة ً
|
يدٌ تصرمُ الأنواءُ وهي حلوب
|
لآثارها في كلَّ شهباءَ روضة ٌ
|
و في كلَّ عمياءِ المياهِ قليبُ
|
حمى مجدهُ وافي الحمائل سيفهُ
|
غيورٌ إذا ما المجدُ صيمَ غضوبُ
|
له كلَّ يومٍ نهضة ٌ دون عرضهِ
|
إذا نام حبا للبقاءِ حسيبُ
|
قليلة ُ أنسِ الجفنِ بالغمض عينهُ
|
و للعارِ مسرى نحوه ودبيبُ
|
إذا سال وادي اللؤمِ حلتْ بيوتهُ
|
بأرعنَ لا ترقى إليه عيوبُ
|
و قامَ بأمرِ الملك يحسمُ داءهُ
|
بصيرٌ بأدواءِ الزمانِ طبيبُ
|
له مددٌ من سيفهِ ولسانهِ
|
قؤولٌ إذا ضاقَ المجالُ ضروبُ
|
إذا يبستْ أقلامهُ أو تصامتتْ
|
فصارمهُ رطبُ اللسانِ خطيبُ
|
يرى كلَّ يومٍ لابساً دمَ قارنٍ
|
له جسدٌ فوق الترابِ سليبُ
|
و لم أرَ مثلَ السيف عريانَ كاسياً
|
و لا أمردَ الخدين وهو خضيبُ
|
و قد جربوه عاطلاً ومقلدا
|
و قادوه يعصى حبلهُ ويجيبُ
|
فما وجدوا مع طولِ ما اجتهدوا له
|
فتى ً عنه في جلى َّ تنوبُ ينوبُ
|
فعادوا فعاذوا ناهضين بعاجزٍ
|
حضورهمُ ما أخروه مغيبُ
|
أمينٌ على ما ضيعوا من حقوقه
|
سليمٌ وودّ الغادرين مشوبُ
|
من البيضِ إلا أن يحلى وجوههم
|
إذا هجروا خلفَ الترابِ شحوبُ
|
صباحٌ نجومُ العزَّ فوق جباههم
|
طوالعُ غرٌّ والنجومُ تغيبُ
|
عصائبُ تيجان الملوك سماتهم
|
و يومهمُ تحتَ الرماح عصيبُ
|
إذا حيزَ بيتُ الفخرِ حلقَ منهمُ
|
عليه شبابٌ طيبونَ وشيبُ
|
لهم كلُّ مقرورٍ عن الحلمِ ظنهُ
|
يقينٌ وهافى عزمتيه لبيبُ
|
تغيضُ أكف الواجدين وكفهُ
|
على العدمِ تهمى مرة ً وتصوبُ
|
تكادُ من الإشراق جلدة ُ خدهِ
|
تغصُّ بماءِ البشر وهو مهيبُ
|
يقيكَ الردى غمرٌ يجاريك في الندى
|
فيعقلُ عيٌّ رسغهُ ولغوبُ
|
إذا قمتَ في النادي بريئاً من الخنا
|
تلفتَ من جنبيهِ وهو مريبُ
|
تتبعَ يقفو الخيرَ منك بشرهِ
|
خداعاً كما قصَّ المشمة َ ذيبُ
|
تنبهَ مشروفاً بغلطة ِ دهرهِ
|
و بنتَ بمجدٍ أنتَ فيهِ نسيبُ
|
و قد ينهضَ الحظُّ الفتى وهو عاجزٌ
|
لحاجاتهِ حتى يقالَ نجيبُ
|
أنا الحافظُ الذوادُ عنك وبيننا
|
وشائعُ من بسطِ الفلا وسهوبُ
|
شهرتُ لساناً في ودادك جرحهُ
|
إذا حز في جلد النفاقِ رغيبُ
|
لك الجمة ُ الوطفاءُ من ماءِ غربهِ
|
و عند العدا حرٌّ له ولهيبُ
|
يسرك مكتوبا وشخصك نازحٌ
|
و يرضيك مسموعاً وأنتَ قريبُ
|
و كيف تروني قاعداً عن فريضة ٍ
|
قيامي بها حقٌّ لكم ووجوبُ
|
و فيكم نما غصني وطالت أراكتي
|
و غودرَ عيشي الرثُّ وهو قشيبُ
|
شوى كلُّ سهمٍ طاحَ لي في سواكمُ
|
و لي شعبة ٌ من رأيكم ونصيبُ
|
و لي بعدُ فيكم ذروة ٌ ستنالها
|
يدي ومنى ً في قولها ستصيبُ
|
متى تذكروا حقيَّ أبتْ بوفائكم
|
و ظهرُ العلى العاصي على ركوبُ
|
طربتُ وقد جاء البشيرُ بقربكم
|
و ذو الشوق عند اسم الحبيبِ طروبُ
|
و قمتُ إليه راشفاً من ترابهِ
|
ثرى لك يحلو رشفهُ ويطيبُ
|
فلا كانَ يا شمسَ الزمانِ وبدرهُ
|
لسعدك من بعدِ الطلوعِ مغيبُ
|
و لا زلتَ مطلوباً تفوتُ ومدركاً
|
أواخرَ ما تبغي وأنتَ طلوبُ
|
كأنك من حبَّ القلوبِ مصورٌ
|
فأنتَ إلى كلَّ النفوسِ حبيبُ
|