قِرَى الذِّكرِ منّي أنّة ٌ ونَحِيبُ، |
وقلبُ شجٍ، إن لم يمُتْ، فكئيبُ |
خلا الرَّبعُ من غُمّاره، ولقد يُرى |
جميلاً بهم ، والمستزارُ قريبُ |
إذِ العيشُ حُلوٌ ليس فيه مَرارَة ٌ، |
هنيٌّ ، وإذ عودُ الزمانِ رطيبُ |
وفي كلّ تسليمٍ جوابُ تحِيّة ٍ، |
و في كلّ لحظٍ للمحبْ حبيبُ |
عفا، غيرَ سُفعٍ ماثلاتٍ، كأنّها |
خدودُ عذارَى مسّهنّ شُحوبُ |
و نؤيٍ ترامى فوقه الريحُ بالسفا ، |
محته قطارٌ ، مرة ً ، وجنوبُ |
كما يَتَرَامَى بالمَداري خَرائدٌ، |
كواعبُ منها مخطئٌ ومصيبُ |
فكم شاقني ، من نأيٍ وهجرة ٍ ، |
خيالٌ لشرٍ بالدجيلِ غريبُ |
فقَد عَزَلَتني الغانياتُ عن الصِّبا، |
ومَزّقَ جِلبابَ الشّبابِ مَشيبُ |
فأدبرنَ عن رثّ الحياة ِ ، كأنه |
ردِيٌّ نَفاه الرّكبُ، وهو نَجيب |
ويومٍ تظلُّ الشّمسُ توقدُ نارَه، |
تكادُ حَصَى البيداءِ فيه تذوبُ |
وصلتُ إلى آصالِهِ بِشِمِلّة ٍ، |
تعرّقَها بعدَ الشّحوبِ سُهوبُ |
تلاقى عليها السَّيبُ من كلّ جانبٍ، |
و طاعَ لها غيثٌ أجمُّ عشيبُ |
تَتَبّعُ أذْيالَ الحَيا، حيثُ يمّمتْ، |
كما سارَ خلفَ الظّاعِنينَ جَنيبُ |
إذا رُميَتْ باللّحظِ من كلّ مَرْبعٍ |
تلقاه عاري عظمها ، فيصيبُ |
رَحلنا المطايا، وهي ملأى جلودُها، |
فأُبْنا بها حُدباً، بهنّ نُدوبُ |
و رحنَ بأشخاصٍ كأشجارِ أيكة ٍ ، |
عَواريَ لم يُورق لهنّ قَضِيب |
و عارٍ بديمومٍ يجاذبُ جنة ً ، |
طوته شعابٌ قفرة ٌ وشعوبُ |
كمثلِ رشاءِ الغربِ مرتهنِ الطوى ، |
و طولِ السرى ، فالبطنُ منه قبيبُ |
لهُ وفضة ٌ ضمّت نِصالاً سنيّة ً، |
عواردَ ، تبدو تارة ً وتغيبُ |
إذا بارَزَ الأقرانَ شدّد خامعاً، |
فما هي إلاّ شدة ٌ ، فوثوبُ |
و سمعٌ نقيٌّ ليسَ يغفرُ هبة ً ، |
تبوعٌ لأجراسِ الأنام طلوبُ |
وخَيطانِ ما خِيطَا معاً في كَراهة ٍ، |
لهُ منهُما، حتى يَهُبّ، رَقيبُ |
و لحيان كاللوحينِ ركبَ فيهما |
مساميرُ أقيانٍ، لهنّ غُرُوبُ |
ترَى بينها مَثَوى لسانٍ كأنّهُ |
أسيرٌ تلقّتْه السّيوفُ، سَليبُ |
وخَطمٌ كأنّ الرّيحَ شكّتهُ بالسَّفا، |
طويلٌ، ونابٌ كالسّنانِ خَضِيبُ |
إذا خافَ إقوَاءً بأرضٍ تفاضلَت |
به عجلاتٌ ، سيرهنّ نصيبُ |
إذا شدّ خلتَ الأرض ترمي بشخصه |
إليها ، ويدعوها له ، فتجيبُ |
معدٌّ لأخيارِ الرياحِ طليعة ً ، |
يراقبُ زبانينِ حينَ يؤوبُ |
أرقتُ لبرقٍ من تهامة َ ضاحكٍ ، |
أهابَ به نحوَ العِراقِ مُهيبُ |
توقدَ في جوّ السماءِ ، كأنما |
تَشقّقُ عنه في الظّلام جُيوب |
وجلجَلَ رَعدٌ من بعيدٍ، كأنّه |
أميرٌ على رأس اليَفاعِ خطيب |
و قامت ورائي هاشمٌ حذرَ العدى ، |
وزادت بيَ الأحداثُ حينَ تنوبُ |
وأُصمِتَ عنّي حاسدي بخَلائقٍ، |
مهذبة ٍ ، ليست لهنّ عيوبُ |
فمَن قال خيراً قيلَ: إنّك صادقٌ، |
ومَن قال شرّاً قيل: أنتَ كَذوبُ |