سقياً لمَنزلة ِ الحِمى وكَثيبِها، |
إذ لا أرى زمناً كأزماني بها |
ما أعرفُ اللذاتِ إلاّ ذاكراً ، |
هيهاتَ قد خلفتُ لذاتي بها |
و بكيتُ من جزعٍ لنوح حمامة ٍ ، |
دَعَتِ الهديلَ، فظَلّ غيرَ مجيبها |
نحنا ، وناحت ، غيرَ أنّ بكاءنا |
بعيوننا ، وبكاءها بقلوبها |
منَعَ الزّيارة َ من شُرَيرة َ خائفٌ، |
لو يستطيعُ لباتَ بينَ جيوبها |
ساءَت بك الدّنيا وسَرّتْ مرّة ً |
فأراكَ من حسناتها وذنوبها |
و يجرلاني بالمطلِ موعدُ حاجة ٍ ، |
لو شئتُ قد بردَ الغليلُ بطيبها |
محبوسة ٍ، في كفّ مَطلِك طالَما |
عذبتني ، وشغلتَ آمالي بها |
خلَّ العواذلَ ليلة ً قاسيتها ، |
والنّاجياتُ بنَصّها ودُؤوبِها |
يحمِلنَ وفدَ الشّكرِ فوقَ رِحالها، |
و الشاكرُ النعماءِ كالجاري بها |
بِيضاً ومسَّهمُ الهَجِيرُ بسُمرة ٍ، |
مثلَ البدورِ سطَعنَ تحتَ سُحوبها |
لما رأيتَ الملكَ شظى عوده ، |
وهوَت كواكبُ سعدِها بغُروبها |
حَرّكتَ تدبيراً عليه سَكِينة ً، |
و خلطتَ ضحكة َ حازمٍ بقطوبها |
و ذخرتَ للأعداءِ أسدَ وقائعٍ |
صُبُراً على غُمّاتِها وكُروبِها |
أسدٌ فرائسها الفوارسُ لا تطا |
إلاّ على الأقرانِ يومَ حرُوبِها |
كم فتنة ٍ لاقيتَ فيها فرصة ً |
فخَتَمتَها، ووَثبتَ قبل وُثوبها |
راعيتَ جانبَها بلَحظٍ حازمٍ، |
فطنِ بعقربِ علة ٍ ودبيبها |
كم قائلٍ، والهامُ تُنظَمُ في القَنا: |
لا يصلحُ الخرزاتِ غيرُ ثقوبها |
قُطبٌ يُديرُ رَحى الحوادثِ حولَه، |
مُتفرّدٌ بصُرُوفِها وخُطوبِها |
وعُهودِ مِيثاقٍ أخذتَ وزِدتَها |
شداً ، كما عقد القنا بكعوبها |
وعَزائمٍ أعهدتَها في صَمتِه، |
لا تكشِفُ الأوهامُ سِترَ غيوبِها |
و البيضُ لا يهتكنَ ما لاقيته |
إلاً بصوتِ متونها وركوبها |
ولربّ أشرارٍ لنَفسٍ نالَها |
أعداؤها من خِلّها وحَبيبها |
وتنالُ ما فاتَ العجولَ تمهُّلاً، |
و دوامُ حضرِ الخيل في تقريبها |
كم دولة ٍ مرضتْ وأبرأها لنا ، |
لولاه برّح سُقمُها بطبيبها |
و لربّ سمعٍ قد قرعتَ بحجة ٍ ، |
هذبتها من شكها وعيوبها |
أثنى عليها بالصّوابِ حَسُودُها، |
و قضى عليها خصمها بوجوبها |
إعطاؤها التّوفيقَ من كلِماتِه، |
بيضاءَ ساطعة ً لمن يَسري بها |