لا بدّ للشيبِ أن يبدو ، وإن حجبا ، |
عُذراً برأسي، وذا شَيبي، وإن خُضِبا |
مضَى الشّبابُ وإني كنتُ لاقيَه، |
استخلفَ الله صَبراً منه إذ ذَهَبا |
لولا المُدامة ُ والنّدمانُ في لَسَنٍ، |
ودّعتُ من بعدِهِ اللذّاتِ مُحْتسِبا |
لا تسقها الماءَ ، واتركها كما تركت ، |
فحسبها منه ما قد أخرجت عنبا |
عروسُ دسكرة ٍ ، تيجانها دررٌ ، |
قد رَضّعتْ نفسَها في دنّها حِقَبا |
زُرنا بقُطرَبُّلٍ إن كنتَ مُسعِدنا، |
تنعمْ ولا تستمع عذلاً ولا صخبا |
ولا تَزَالُ بكأسِ الشُّربِ دائرة ً |
تبولُ همّاً، وتَحسُو اللّهوَ والطّرَبا |
حتى تعودَ حبيباً بعدما سخطت |
منك المفارقُ تهوى الغيَّ واللعبا |
و كيفَ أنتَ ، إذا ما طافَ يحملها |
ظبيٌ يُسقّيكَ فضلَ الكاسِ إن شرِبا |
وقد تَرَدّتْ بمنديلٍ عَواتِقُه، |
يقطبُ من تيهٍ ، وما غضبا |
و ناقلتْ تحتهُ الندمانُ صافية ٍ ، |
كأنهُ ، إذ حساها ، نافخٌ لهبا |
تراك تُعرِضُ عن هذا وتَهجرُه، |
من قال: غيرُك مَن أهوَى ، فقد كذبا |