من ناظرٌ لي بين سلعٍ و قباَ
|
كيف أضاء البرقُ أم كيف خباَ
|
نبهني وميضه ولم تنمْ
|
عيني ولكن ردَّ عقلا عزبا
|
قرتْ له بناتُ قلبي خافقا
|
و استبردته أضلعي ملتهبا
|
كأنه يجلو ثنايا بالغضا
|
روقاً وينهلُّ لمى أو شنبا
|
يا لعبدٍ من منى ً دنا به
|
يوهمني الصدقَ بريقٌ كذبا
|
و لنسيمِ سحرٍ بحاجرٍ
|
ردتْ به عهدَ الصبا ريحُ الصبا
|
ألية ما فتح العطارُ عن
|
أعبقَ منه نفساً وأطيبا
|
سل من يدلُّ الناشدين بالغضا
|
على الطريد ويردّ السلبا
|
أراجعٌ لي والمنى هلهلة ٌ
|
فطالعٌ نجمُ زمانٍ غربا
|
و طوفة ٌ بين القبابِ بمنى ً
|
لا خائفا عينا ولا مرتقبا
|
مستقبلاً بهاهنا وهاهنا
|
مقترعا على ّ أو مجتذبا
|
ألقى الوصالَ مسفراً لي وجههُ
|
و الغدرَ لي مع قبحهِ متنقبا
|
هناك منْ باعَ الغواني حلمهُ
|
بالخرقِ عدَّ الحازمَ المجربا
|
و لائمٍ ملتفتٍ عن صبوتي
|
ينكرها ولو أحبَّ لصبا
|
إذا نسبتُ بهواي ساءه
|
مصرحاً ولو كنيتُ غضبا
|
و ما عليه أن غرمتُ بابلا
|
بحاجرٍ و فاطما بزينبا
|
يلومني لا مات إلا لائما
|
أو عاش عاش بالهوى معذبا
|
قال عشقتَ أشيباً يعدها
|
منقصة ً نعم عشقتُ أشيبا
|
هل شعرٌ بدلتهُ بشعرٍ
|
مبدلي من أربٍ لي أربا
|
أبى الوفاءُ والهوى وبالغٌ
|
معذرة ً من سيمَ غدرا فأبى
|
ما أنا من صبغة ِِ أيامكمُ
|
و لا الذي إن قبلوه انقلبا
|
و لا ابنُ وجهين ألمُّ حاضرا
|
من الصديقِ وألومُ الغيبا
|
قلبيَ للإخوانِ شطوا أو دنوا
|
و للهوى ساعفَ دهرٌ أو نبا
|
من عاذري من متلاشٍ كلما
|
أذنبَ يوما وعذرتُ أذنبا
|
يضحكُ في وجهي ملء فمهِ
|
و إن أغبْ وذكرَ اسمي قطبا
|
يطيرُ لي حمامة ً فإن رأى
|
خصاصة ً دبَّ ورائي عقربا
|
ما أكثرَ الناسَ وما أقلهم
|
و ما أقلَّ في القليل النجبا
|
ليتهمُ إذ لم يكونوا خلقوا
|
مهذبين صحبوا المهذبا
|
فعلمتهم نفسهُ كيف العلا
|
و ودهُّ كيف الصديقُ المجتبى
|
و وردوا من خلقه ويدهِ
|
أبردَ ما بلَّ الصدى وأعذبا
|
مثل أبي المنصورَ فلتلذَّ لي ال
|
دنيا ولا سرَّ سواه ابنٌ أبا
|
أتركهُ لي غنيمة ً باردة ً
|
يا دهرُ واذهبْ ببنيك سلبا
|
اللهُ جارٌ لفتى ً أجارني
|
على زمانٍ لم أفتهُ هربا
|
و فرجتْ عنيّ يدا إسعادهِ
|
حوادثا ضغطنني ونوبا
|
لما رأى الأيام في صروفها
|
نارا تشبُّ ورآني حطبا
|
قام لها يصليَ بها وناشني
|
فلم أذق حداً لها ولا شبا
|
و صان وجهي لاقيا بوجهه
|
ذلَّ السؤالِ وكفاني الطلبا
|
عفتُ فلم أشربْ سوى أخلاقه
|
إذا كؤسَ الشرب دارتْ نخبا
|
و صحَّ لي جوهرة ً من معدنٍ
|
أملسَ لا ينبتُ إلا الذهبا
|
من معشرٍ تنمى العلا اليهمُ
|
هم أهلها والناسُ منها غربا
|
كما اقترحتَ حربهم وسلمهم
|
شدوا رباط الخيلِ أو شدوا الحبا
|
ساسوا يعدون الملوكَ واحتبوا
|
وسطَ الندى َّ يصفون العربا
|
يرضيك من حديثهم ساهدهم
|
و في القديم ما سألتَ الكتبا
|
إذا رجال طأطأَ اللؤمَ بهم
|
قعصاً فشموا بالأنوف الركبا
|
طالوا ينالون ثعالبَ القنا
|
تحسبُ ماشيهم بسوقاً ركبا
|
و حدثتْ فروعهم عن أصلهم
|
تحدث الناجم عما غربا
|
لبيك مشكورا كما لبيتني
|
و قد دعوتُ قذفاً لا كثبا
|
و كنتَ لي بابا إلى مطالبي
|
لولا قعود الحظّ بي وسببا
|
تعجبَ الناسُ وقد وليتها
|
أكرومة ً فقلتُ لا لا عجبا
|
عينيَ مني ويدي فهل ترى
|
يفوتني ما سلما ما طلبا
|
و كيف لا تحفزهُ لأربي
|
مودة ٌ تمت فعادت نسبا
|
و مقة ٌ لو خلصتْ لابنِ أبي
|
منى هزَّ عطفه وطربا
|
و إن يكن هومَ فيها ناسيا
|
و عاجَ عن طريقها وجنبا
|
و قدحتْ في أملي عندهمُ
|
قادحة ٌ لم يك فيها مذنبا
|
فقد قبلتُ العذرَ أو قتلتهُ
|
علما وقد عاتبته فأعتبا
|
و استقبل الرأيَ وأعطى ذمة ً
|
تصفحُ للآنفِ عما ذهبا
|
فاشكر لها وكالة ً منيَّ على
|
نفسيَ واقض دينها إذ وجبا
|
من لك مثلي بأخٍ مسامحٍ
|
ترضيه بالعذرِ إذا ما غضبا
|
و احذر على مجدك أخرى تنتقي
|
عظم الوفاءِ وتجرُّ الريبا
|
شمرْ عن الساقين في استداركها
|
و امحُ بوادي شرها معتقبا
|
و لا يزالُ أملي يقنعُ لي
|
بدون ما سدّ خصاصي نشبا
|
ذاك ودعني شاكيا وسائلا
|
و خذْ حديثي منسبا
|
كان جناحُ الشوق أمس طائري
|
منسرا في كبدي مخلبا
|
و أكلَ البينُ سمينَ جلدي
|
حتى غدا سنامُ صدري ذنبا
|
بانَ بك العيشُ الذي يسرني
|
و عاد لما عدتَ لي مقتربا
|
قال البشير قادماً فقلتُ منْ
|
قال أبو منصورَ قلتُ مرحبا
|
و قمتُ لا أملكُ ما يسعهُ
|
غير نعمتَ من جزاءٍ وحبا
|
أرشفُ من فيه مكانَ اسمك لا
|
أحسبني أرشفُ إلا الضربا
|
عطفٌ من الأيام لي ونظرٌ
|
جاء وما كنتُ له محتسبا
|
لكنني بالبعدِ في أثنائه
|
أصبحُ أو أمسى مروعا متعبا
|
إذا اطمأنتْ أضلعي تذكرتْ
|
نواك فاهتزتْ جوى لا طربا
|
فادفعْ به صدرك ما استطعتهُ
|
يوما تردّ شملَ أنسى شعبا
|
راخِ يديكَ في امتدادِ حبلهِ
|
و طاول الوقتَ به أن يجذبا
|
و خفْ على قلبي غداً من وقفة ٍ
|
يكون لي فيها الوداعُ العطبا
|
و لا تدعني أسأل الركبانَ عن
|
قلبٍ دوٍ وأستطبُّ الكتبا
|
لا أقفرتْ منكَ ربوعٌ عمرتْ
|
أنسا ولا أيبسَ عيشٌ رطبا
|
و لا برحتَ مالكا مقتسرا
|
نواصيَ الإقبالِ أو مغتصبا
|
حتى يكونَ باديا وحاضرا
|
بين النجوم بانياً مطنبا
|