حث الفراق بواكر الأحداج، ابن المعتز

حَثّ الفِرَاقُ بَواكِرَ الأحداجِ،

و سجالُ يومَ نأوا بكتمٍ ساجي

هلْ غَيرُ إمْساكٍ بأطْرافِ المُنى ،

فيها لطالِبِ خَلّة ٍ، أوْ راجي

أو وقفة ٍ في محضرٍ جرت به

عصفُ الرياحِ الهوجِ ذيلَ عجاجِ

حملت كواهلها روايا مزنة ٍ ،

كالبَحر ذي الآذيّ وَالأمْواجِ

مفتوقة ٍ بالبرقِ يضحكُ أفقها ،

في ليلة ٍ بَيضاءَ ذاتِ دَياجي

فَتَحَلَّلَتْ عُقَدُ السّماءِ بوابلٍ

زاهي المهاءِ محللِ الأبراجِ

فلذاكَ أبلى الدهرُ منزلة َ الحمى ،

والدّهرُ ذو غِيَرٍ، ودو إزعاجِ

بلْ مهمة ٌ عافي المناهلِ قائمٌ ،

قطّعْتُه بمُواعسٍ معّاجِ

حنمٌ على الفلواتِ يطوي بعدها

بالنّصّ، والإرْمالِ، والإدلاجِ

مُمتَدُّ أُنْبُوبِ الجِرانِ كأنّهُ،

من تحتِ هَامَتِهِ، نَحِيتة ُ ساجِ

وإذا بَدا تحْتَ الرّحالِ حَسِبتَه

مُتَسَرْبِلاً ثَوباً منَ الدّيبَاجِ

صدقَ السرى ، حتى تعرف واضحٌ

كالقرنِ في خللِ الظلامِ الداجي

في ليلة ٍ أكلَ المحاقُ هِلالَها،

حتى تبدّى مثلَ وَقفِ العَاجِ

والصّبحُ يتلو المُشتري، فكأنّهُ

عريانُ يمشي في الدجى بسراجِ

حتى استغاثَ مع الشروقِ بمنهلٍ ،

فيه دواحٍ من قطا أفواجِ

وكأنّ رَحلي فوْقَ أحقَبَ لاحِبٍ،

لفحَ الهجيرُ بمشعلٍ أجاجِ

أكلَ الربيعَ ، ولم يدعْ من مائهِ ،

إلاّ بقية َ آسنٍ وأجاجِ

كالبرقِ يلتمُّ البلادَ مجاهراً ،

بالشدّ بينَ مفاوزٍ وفجاجِ

فَتَرَى السّماءَ إذا غَدَتْ مملوءَة ً

من نقعهِ ، والأرضَ ذاتَ شحاجِ

و كانّ إذْ ما رجعتْ نهقاته

وصهيله درجاً منَ الأدراجِ

و كأنّ آثارَ الكلومِ بكفهِ ،

حلقُ الحديدِ سمرنَ فوقَ رتاجِ

يحدو لواقحَ لا تملُّ طرادها ،

في كوكبٍ من قيظهِ وَهّاجِ

يوردنَ عيناً قد تفجرَ ماؤها ،

زوراءَ صافية ً كذوبِ زجاجِ

حتى إذا أخذَت جوانبَ غَمرِها،

و كرعنَ في خضراء ذاتِ فجاجِ

قامت بمسّ السهمِ تمسحُ ريشهُ ،

لَبّاتُها، وَمَنابِضُ الأودَاجِ

فتحتْ على طرفِ الهلال بأنفسٍ

أنصافُها صِرْفٌ بغَيرِ مِزَاجِ

وإذا المَنِية ُ أخّرَتْ أيّامَها،

فالحيُّ من كيدِ العداوة ِ ناجِ

وبدَت تطيرُ بأرجُلٍ مَمْقُورَة ٍ

بالرعبِ ، تنتهبُ البلادَ نواجِ

شداً يصيحُ الصخرُ من قرعاتهِ ،

يسمُ البلادَ بحافرٍ رواجِ

يا مَنْ يَدُسُّ ليَ العَداوَة َ صَنعة ً،

أسرَيتَ لي، فاصْبر على الإدلاجِ

فتَحَ العِدى بابَ المَكيدَة ِ وَالأذى ،

فاعجب بهم ، واللهُ منهم ناجِ

أنا كالمنيّة ِ سُقمُها قُدَّامَها،

طَوراً، وطَوراً تبتدي، فتُفاجي