لما ظننت فراقهم لم أرقد، ابن المعتز

لمّا ظَنَنتُ فِراقَهم لم أرقُدِ،

وَهَلكْتُ إن صَحّ التظنّنُ أو قدِ

ما زلتُ أرعى كلَّ نجمٍ غايرٍ ،

و كأنّ جنبي فوقَ جمرٍ موقدِ

و رنا إليّ الفرقدانِ كما رنتْ

زرقاءُ تنظرُ من نقابٍ أسودِ

والنّسرُ قد بسطَ الجَناحَ مُحوِّماً،

حتى القيامة ِ طالباً لم يَصْطَد

و ترى الثريا في السماءِ كأنها

بَيضٌ بأُدْحِيٍّ يَلوحُ بفَدفَدِ

سلَقَتهمُ زَفَراتُ قلبٍ مُحرَقٍ،

و سجالُ دمعٍ بالدماءِ موردِ

ما أسرعَ التفريقَ إن عزموا غداً ،

لا شكّ أنّ غداً قريبُ الموْعدِ

وجَرَتْ لنا سنحاً جآذرُ رَملة ٍ،

تَتلُو المَها، كاللؤلؤ المتَبدِّد

قد أطلعت إبرَ القرونِ كأنها

أخذُ المَرَاودِ من سَحيقِ الإثمدِ

رَخَصَاتُ أطرافٍ تظَلُّ لوَاعِباً،

لا تهتدي طوراً ، وطوراً تهتدي

أشباهُ آنِسَة ِ الحديثِ خَريدة ٍ،

كالشمس لاقَتها نجومُ الأسعُدِ

كم قد خلوتُ بها، وثالثُنا التّقى ،

يَحمي على العطشانِ بَردَ المَورِدِ

يا آلَ عبّاسٍ لعاً من عَثرة ٍ،

لا تركُنُنّ إلى الغُواة ِ الحُسّدِ

إياكمُ من بعدها إياكمُ ،

كونُوا لها كأراقمٍ في مَرصَدِ

وخُذُوا نَصَائِحَ حارِمٍ متعصّبٍ

بالشَّيبِ، مجتمِعِ النُّهَى ، متأسِّدِ

كالطودِ يعدي حلمة َ سفهاؤه ،

لا يَنطِقون سوَى الجواب، ويَبتدي

شُدّوا أكفَّكمُ على مِيراثِكم،

فَالحقُّ أعطاكُم خِلافة َ أحْمدِ

و متى يرمها الرائمونَ فبادروا

هاماتهم حصداً بكلّ مهندِ

قُودوا لهُم قُودَ الجيادِ شَواذباً،

لا يهتدونَ إلى الطريقِ الأبعدِ

من كلّ أحوَى ، أو بهيمٍ مُصْمَتٍ،

ومشمِّرٍ عن كُلّ ساقٍ، أوْ يَدِ

طوراً مجاهرة ً ، وطوراً غيلة ً ،

كم قاتلٍ بغِرارِ كيدٍ مُغْمَدِ

هذا هو النصحُ ، وربما

مَحضَ النّصِيحة َ صاحبٌ لم يَجهَدِ