أمرتكمُ أمري بنعمانَ ناصحا
|
و قلتُ احبسوها تلحقِ الحيَّ رائحا
|
فماريتموني تخبرون اجتهادها
|
فأبتم بلا حاجٍ وأبنَ طلائحا
|
و قد صدقتني في الصبا عن مكانهم
|
أخابيرُ أرواحٍ سبتني نوافحا
|
كأنّ الثرى من طيبها فتَّ فوقه
|
مجيزون من دارينَ فأرا فوائحا
|
لقاءٌ على نعمانَ كان غنيمة ً
|
و هيهات يدنو بعد أن فات نازحا
|
حمى دونه حرُّ السماوة ظهرها
|
و عبس وجها ناجرٌ فيه كالحا
|
إلى الحول حتى يشربَ القيظُ ماءهم
|
بنجدٍ وإما يسلخون البوارحا
|
لعلك في إرساليَ الدمعَ لائمٌ
|
و قد عطف الناسُ المطيَّ جوانحا
|
نعم قد تجرعتُ الدموعَ عليهمُ
|
عذابا وأقرحتُ الجفونَ الصحائحا
|
و ما قلتُ غاضت بالبكاء ركية ٌ
|
من العين إلا أرسلَ الشوقُ ماتحا
|
فهل ظبية ٌ بالغور يجزي وفاؤها
|
هوى لم يطعْ فيها على النأي كاشحا
|
إذا اعترضته من سلوًّ معوضة ً
|
محاسنُ في أخرى رآها مقابحا
|
و من أين ينسى من يرى الغصنَ مائلا
|
مثالكِ والظبيَ المروعَ سانحا
|
أرى عينه عينيكو الغورُ بيننا
|
فأدمى لقد أبعدتَ يا سهمُ جارحا
|
يعنفُ في حبَّ البداوة فارغٌ
|
من الوجد لم يقرِ الغرامَ الجوانحا
|
فيا ليتَ لي من دار قومي واسرتي
|
جواركِ رواحاً عليكِ وصابحا
|
و من ترهاتِ الريف أرضا قطنتها
|
من الجدب فيها يأكلون النواضحا
|
إذا ما شربتُ الوصلَ عذبا مرقوقا
|
بها لم أعفْ أن أشرب الماء مالحا
|
دعوني ونعمانَ الأراك أروده
|
يجاوبُ صوتي طيره المتناوحا
|
عسى سارحٌ من دار مية َ يامنٌ
|
يقيضُ لي عن شائمٍ طار بارحا
|
سقى ما سقتْ خدي الدموعُ الحيا الغضا
|
بواكرَ من جماته وروائحا
|
فكم ليلة ٍ فيه نضوتُ حميدة ٍ
|
و ألبستُ يوما برقعَ العيشِ صالحا
|
وهمًّ ترى القلبَ الرحيبَ وراءه
|
من الضيقِ لهفا يستعيبُ المراوحا
|
تلطفته حتى وجدتُ مفارجا
|
لصدريَ من غماته ومسارحا
|
و بحرٍ من الآل الغرور محرمٍ
|
ركبتُ له من سير لاحقَ سابحا
|
إلى حاجة ٍ في طرقها الجدُّ كله
|
فأدركتها جذلانَ أحسبُ مازحا
|
و مضطغنٍ أن قدمتني زوائدٌ
|
من الفضل أخفته وقد كان واضحا
|
يعيرني الحدثانَ وهو أعزُّ لي
|
كفى جذعا أن فاتكَ الشوط قارحا
|
و هل ضائري شيئا إذا جئتُ آخرا
|
تأخرُ ميلادي وقد جئتُ فاصحا
|
و هرَّ فلم يطردْ فعضَّ سفاهة ً ؛
|
و عقرك لي أني حقرتك نابحا
|
و زنتُ بحلمي جهله لا أجيبه
|
فلله منا من تمكن راجحا
|
و عجماءَ من وحش القوافي خدعتها
|
و لم تعطِ قبلي جلدها قطُّ ماسحا
|
خطبتُ إليها عذرها فتحللتْ
|
و كانت حراما لا تلامس ناكحا
|
و عادتها في المدح ألا أذيلها
|
و لكنَّ قوما يكرمون المدائحا
|
تمنى بني عبد الرحيم ومجدهم
|
رجالُ أمانٍ لم يقعن نجائحا
|
و ريموا فما حطَّ الثريا لباعه
|
فتى ً ظنها كفا فمدَّ مصافحا
|
كرام مضوا بالجود إلا صبابة ً
|
أعاروا نداها الهاطلاتِ السوافحا
|
لهم من تليد العزّ ما يدعونه
|
إذا خفتَ في دعوى الحسيبِ القوادحا
|
إذا نشروا الأغصانَ من شجراتهم
|
على ناسبٍ عدوا الملوك الجحاجحا
|
تواصوا فطابوا في الحياة وأكرموا
|
نفوسا وطابوا ميتين ضرائحا
|
و أخفى الحسينُ خطفهم بشعاعهِ
|
كما أخفت الشمسُ النجوم اللوائحا
|
فتى ً لا يريد المجدَ إلا لنفسه
|
و لا المالَ إلا قسمة ً ومنائحا
|
ينازع أزماتِ السنين بأنملٍ
|
جوابرَ للأحوال تسمى جوارحا
|
أنامل من يسرٍ إذا ما أدارها
|
على مغلقاتِ الرزق كنَّ مفاتحا
|
أقام على وجه الطريق بوجهه
|
مجيرَ النهار عاقرَ الليل ذابحا
|
بحيث السماح لا يخيبُ سائلا
|
وحدُّ الصفاح لا يخيبنَ صائحا
|
إذا عجزتْ يوما مواعظُ صفحه
|
عن الأمر ولاه القنا والصفائحا
|
و يأبى فيأتي مشرعَ الدمِ واردا
|
حريصا ويأتي مشرعَ الماء قامحا
|
يصيب بأطراف العوالي محاربا
|
عداه وأطرافِ الكلام مصالحا
|
إذا هزَّ رمحا طاعنا خيلَ كاتبا
|
سدادا وطرساً كاتبا خيلَ رامحا
|
أقول لأيامي وهن عواثر
|
بحظي لعاً قد أدرك الذنبُ صافحا
|
إذا الصاحبَ استبقيته لي ورهطهُ
|
فمرى بقومٍ طائراتٍ طوائحا
|
أذموا على الآمال لي وتعاقدوا
|
على وقعْ خلاتي أكفا نواصحا
|
غبرتُ زمانا أمنع الناسَ مقودي
|
حرونا إلى غير المطامع طامحا
|
أعزُّ فلا ألقى ابنَ مالٍ مؤملا
|
لمالٍ ولا يلقانيَ الدهرَ مادحا
|
مع الناس جراً خاطري غير أنهم
|
بأخلاقهم يستعبدون القرائحا
|
و ما كنتُ في طرد الخطوب بيمنهم
|
بأولِ داجٍ يستضيء المصابحا
|
بك اعتدلتْ حوشية ٌ من تصعبي
|
و راخيتَ من أنسي فأصبحَ سازحا
|
صحبتك لم يمسحْ عذاري سواده
|
و ها أنا قد غطى سوادي المسائحا
|
و سديتَ عندي نعمة ً ليس ناهضا
|
ثنائي بها ما لم أجدك مسامحا
|
فكن سامعا في كلّ نادي مسرة ٍ
|
سواردَ في الدنيا ولسن بوارحا
|
حواملَ أعباءِ الثناء خفائفا
|
صعدن الهضابَ أو هبطن الأباطحا
|
يرى المفصحُ المفتونُ عجبابشعرهِ
|
لها ناقصا ما سره منه رازحا
|
إذا قمتُ أتلوها اقشعرَّ كأنني
|
تلوتُ مزاميرا بها ومسابحا
|
تزورك لا زالت تزور بشائرا
|
يسوق التهاني وفدها والمفارحا
|
يضمُّ الزمانُ شملَ عزك نظمها
|
و يطرحُ من عادي علاك المطارحا
|