أطاعَ الهَوى من بَعدهم، وعَصى الصَّبرُ
|
فليسَ له نهيٌ عليه ولا أمرُ
|
وعاودَهُ الوجدُ القديمُ، فَشفَّه
|
جوى ضاق عن كتمانه الصدر والصبر
|
كأنَّ النَّوى لَم تخْتَرِم غيرَ شَملِه
|
ولم يَجْرِ إلاَّ بالَّذي ساءَه القَدْرُ
|
وهل لبني الدنيا سرور وإنما
|
هو العيشُ والبُوسَى ، أو الموتُ والقبرُ
|
وكل اجتماع مرصد لتفرق
|
وكلُّ وصالٍ سوف يعقُبه هجرُ
|
وما يدفع الخطْبَ المُلِمَّ إذا عرى
|
سوى الصّبرِ، إلاَّ أنّه كاسمِه صبرُ
|
أسكّانَ أكنافِ العواصِم دعوة ً
|
بفي روداً وهي في كبدي جمر
|
لقد أظلمت دُنياي بعد فِراقكْم
|
فكل زماني ليلة ما لها فجر
|
أُعاتِبُ أيَّامي عليكُمُ، ومَا لهَا
|
ولا لليالي في الذي بيننا عذر
|
لقد صدعت بعد التفرق شملنا
|
كصَدْعِ الصَّفا، ما إنَّ له أبداً جبْرُ
|
وما زالَ صرفُ الدّهر يسعى ببَيْنِنا
|
فلمَّا انقضَى ما بيننا سكَنَ الدّهرُ
|
فويحَ زمانٍ فَرَّقتنا صرُوفُه
|
أكانَ عليه في تَفرُّقِنا نَذْرُ
|
إذا عن ذكراكم نبا بي مضجعي
|
كأن فراشي حال من دونه الجمر
|
فأذهل حتى لا أجيب منادياً
|
وأُبهتُ، لا عرفٌ لديّ، ولا نُكْرُ
|
وأرمي فجاج الأرض نحو بلادكم
|
بطرف كليل دمعه بعدكم قطر
|
أراقَ جِمامَ الدمعِ فيكُم فإن دَعا
|
به الوجد لبى وهو مستكره نزر
|
وجانب طيب النوم بعد فراقكم
|
فما تلتفي منه على سنة شفر
|
عسَى نظرة ٌ منكُم يُميطُ بهَا القَذَى
|
وهيهات عرض الأرض من دونكم ستر
|
وإن وَعَدتْني باقترابِكُمُ المُنَى
|
نَهْتَنى ِ عَنْ تَصديقِ موعِدها مصرُ
|
وكيف بكم والدهر غير مساعد
|
ودونَكُمُ الأعداءُ واللُّجَجُ الخُضرُ
|
مهالك لو سارت بها الريح عاقها الوجى
|
ـوَجَى ، وثَناها عن تَقَحُّمها الذُّعرُ
|
ولم يبق إلا ذكرُ ما كانَ بينَنَا
|
ولا عجبٌ للدّهرِ أن يُدْرسَ الذّكْرُ
|
وروعة شوق تعتريني إليكم
|
كما انتَفَض العصفورُ، بلَّلَه القَطرُ
|
فيارَوعتي، لا تَسكُني بعد بُعدهمْ
|
ويا سلوة الأيام موعدك الحشر
|