سَقَوْهُ كأسَ فُرْقَتِهِمْ دِهاقا |
وأسْكرهُ الوداعُ فما أفاقا |
إذا ما الكأْسُ لمْ تَكُ كأسَ بينٍ |
فليست بالحميمِ ولا الغَساقَا |
أبى إلاّ افتراقاً شملُ صبري |
وَدَمْعِي إذْ نأوْا إلاَّ افْتِرَاقا |
رِفاقٌ ما ارْتَضَوْا في السَّيرِ إلاَّ |
قُلُوبَ الْعاشِقينَ لَهُمْ رِفاقا |
أرائِقَة َ الجَمَالِ وَلاَ جَمِيلٌ |
أرَاقَكِ أنْ جَعَلْتِ دَمِي مُرَاقا |
وَسِرْتِ فَلَمِ أسَرْتِ فُؤادَ حُرِّ |
حَلَلْتِ وَمَا حَلَلْتِ لَهُ وَثَاقا |
تُعَيِّرُنِي بِأحْداثِ اللَّيالِي |
وَكَيْفَ يُدَافِعُ الْبَدْرُ الْمِحاقا |
شَبابٌ كانَ مُعْتَلاًّ فَوَلَّى |
وصدْرٌ كان مُتسعاً فضاقَا |
يُكَلِّفُنِي الزَّمَانُ مَدِيحَ قَوْمٍ |
يَرَوْنَ كَسادَ ذِكْرِهِمُ نَفَاقا |
ومنْ يرجُو منَ النارِ ارتواءً |
كمنْ يخشى من الماءِ احتراقَا |
ولوْ أنَّ الزمانَ أرادَ حمْلَ الَّـ |
ـذي حُمِّلْتُ منهُ ما أطَاقا |
ولي عزمٌ أنالُ بهِ انفتاحاً |
لِبابِ الْمَجْدِ إنْ خِفْتُ انْغِلاقا |
بَعَثْتُ بهِ النِّياق وَقَدْ يُرَجِّي |
أنيقَ العيشِ مَن بعثَ النِّياقا |
سريتُ بها وحظِّي ذُو سُباتٍ |
وجئْتُ أبا الفوارسِ فاستفاقا |
سعى وسعى الملُوكُ فكانَ أقصى |
مدى ً وأشدَّ في السَّعْيِ انطلاقا |
وأطْوَلَهُمْ لدى العلْياءِ باعاً |
وأثْبَتَهُمْ لَدى الْهَيْجَاءِ سَاقا |
يطبِّقُ غيثُهُ أرضَ الأماني |
ويسمُو سعدُهُ السَّبعَ الطِّباقا |
ويسبقُ عزمهُ كلمَ الليالي |
فَكَيْفَ يُحَاوُلُونَ لَهُ سِبَاقا |
ومن يطلبْ للمْعِ البرقِ شأواً |
يَجِدْهُ أعزَّ مَطْلُوبٍ لَحاقا |
وَمَا بِالْجَدِّ فَاقَ النَّاسَ صِيتاً |
وَلَكِنْ بِالنَّدَى والْبَأسِ فَاقا |
ومن خطبَ المعاليَ بالعوالِي |
وبالجدوى فقد أربى الصداقا |
وَإنْ طَرقَ الْعِدى لَمْ يَرْضَ مِنْهُمْ |
سوى هامِ الملوكِ لهُ طِراقا |
وَقَدْ كَرِهَ التَّلاَقِي كُلُّ صَبٍّ |
كأنَّ إلى الفراقِ بهِ اشْتياقا |
وَشَدَّد بِالخِنَاقِ على الأعادِي |
فتى ً راخى بنائلهِ الخِناقا |
تلاقتْ عندك الآمالُ حتّى |
أبى إسرافُ جودِكَ أنْ يُلاقا |
وأقبلَ بالهناءِ عليكَ عيدٌ |
حَداهُ إليك إقبالٌ وساقا |
فسرَّكَ وهوَ منْكَ أسَرُّ قلباً |
وَلاَ عَجَبٌ إنِ المُشْتاقُ شَاقا |
وَمِثْلُكَ يَا مُحَمَّدُ سَاقَ جَيْشاً |
يُكَلِّفُ نَفْسَ رَائيهِ السِّياقا |
إذا الخَيْلُ الْعِتاقُ حَمَلْنَ هَمّاً |
فهمُّكَ يحملُ الخيلَ العتاقا |
وَمَنْ عَشِقَ الدِّقَاقَ السُّمْرَ يَوْماً |
فإنكَ تعشقُ السّمْرَ الدِّقاقا |
وَتَخْتَرِمُ الْمُلُوكَ بِها اخْتِرَاماً |
وَتَخْتَرِقُ الْعَجاجَ بِها اخْتِرَاقا |
يَسُركَ أنْ تُساقي الجيشَ كأْساً |
منَ الحربِ اصطباحاً واغتباقَا |
وأشجعُ مَن رأيناهُ شُجاعٌ |
يُلاقيهِ السرورُ بأنْ يُلاقى |
وما ماءٌ لذِي ظمإٍ زُلالٌ |
بأعْذَب منْ خلائقهِ مذاقا |
حباني جودُهُ عيشاً كأنِّي |
ظفرتُ به منَ الدهرِ استراقا |
فأيَّامِي بهِ بِيضٌ يِقَاقٌ |
وَكَانَتْ قَبْلَهُ سُوداً صِفَاقا |
وطَّوقني ابنُ مالِكَ طوقَ مَنٍّ |
فصُغْتُ من الثناءِ لهُ نِطاقا |
أرى الأيَّامَ لا تُعْطِي كَرِيماً |
بلوغَ مُرادِهِ إلاَّ فَوَاقا |
فَلا عَاقَتْكَ عَنْ طَلَبِ الْمَعالِي |
إذا الأيَّامُ كادَتْ أنْ تُعاقا |