أُمنِّي النفسَ وصلاً من سُعادِ |
وأين من المنى دَرَكُ المُراد |
وكيف يَصحُّ وصلٌ من خليلٍ |
إذا ما كان مُعتَلَّ الودادِ |
تمادى في القطيعة لا لجُرْمٍ |
وأجفى الهاجِرينَ ذوُو التمادي |
يفرِّقُ بينَ قلبِي والتأسِّي |
وَيَجْمَعُ بَينَ طَرْفِي والسُّهادِ |
ولَوْ بذَلَ اليسيرَ لبلَّ شوْقي |
وقدْ يرْوى الظِّماءُ منَ الثِّمادِ |
أمَلُّ مَخَافَة َ الإمْلالِ قُرْبِي |
وبَعْضُ القُرْبِ أجْلَبُ لِلبِعَادِ |
وعندي للأحبة ِ كلُّ جفنٍ |
طليقِ الدمعِ مأسورِ الرُّقادِ |
فلا تغْرَ الحوادِثُ بِي فحَسْبي |
جفاؤُكمْ منَ النّوَبِ الشدادِ |
إذا ما النارُ كانَ لها اضطرامٌ |
فما الدّاعي إلى قدحِ الزنادِ |
أرى البِيضَ الحِدادَ سَتَقْتَضِينِي |
نُزُوعاً عنْ هوى البيضِ الخرادِ |
فما دَمعِي علَى الأطلال وقفٌ |
ولا قلْبي معَ الظُّعُنِ الغَوادي |
ولا أبْقى جلالُ المُلْكِ يَوْماً |
لِغيرِ هَواهُ حُكْماً في فُؤادِي |
أُحِبُّ مَكارِمَ الأخْلاقِ مِنْهُ |
وأعْشَقُ دَوْلَة َ المَلِكَ الجَوادِ |
رَجَوْتُ فَما تَجاوَزَهُ رَجائِي |
وكانَ الماءُ غايَة َ كُلِّ صادِ |
إذا ما رُوِّضَتْ أرْضِي وساحَتْ |
فما معنى انتجاعِي وارتيادِي |
كَفى بندى جلالِ المُلْكِ غَيثاً |
إذا نزحَتْ قرارَة ُ كُلِّ وادِ |
أمَلْنا أيْنُقَ الآمالِ مِنْهُ |
إلى كَنَفٍ خَصِيبِ المُسْتَرادِ |
وأغنانا نداهُ على افتقارٍ |
غناءَ الغيثِ في السنَّة ِ الجمادِ |
فَمَنْ ذَا مُبْلِغُ الأمْلاكِ عَنَّا |
وسُوّاسِ الحواضِرِ والبوادِي |
بأنَّا قدْ سكنَّا ظلَّ ملكٍ |
مَخُوفِ البأسِ مرجوِّ الأيادِي |
صحِبَنا عندهُ الأيامَ بيضاً |
وقدْ عُمَّ الزَّمانُ من السَّوادِ |
وأدرْكنَا بِعَدْلٍ مِنْ عَلِيٍّ |
صلاحَ العيشِ في دهْرِ الفسادِ |
فَما نَخْشَى مُحَارَبَة َ اللَّيالِي |
وَلاَ نَرْجُو مُسَالَمَة َ الأعادِي |
فَقُولا لِلْمُعانِدِ وهْوَ أشْقى |
بِما تَحْبُوهُ عاقِبَة ُ العِنادِ |
رُوَيْدَكَ مِنْ عَدَاوَتِنا سَتُرْدِي |
نواجِذَ ماضِغِ الصُّمّ الصِّلادِ |
ولا تحملْ على الأيام سَيْفاً |
فإن الدَّهرَ يقطَعُ بالنجادِ |
فأمنَعُ منكَ جاراً قدْ رميناَ |
كريمتهُ بداهيَة ٍ نآدِ |
وَمَنْ يَحْمِي الوِهادَ بِكُلِّ أرْضٍ |
إذا ما السِّيلُ طمَّ علَى النجادِ |
هُوَ الرَّامِيكَ عنْ أمَمٍ وعُرْضٍ |
إذا ما الرأْيُ قرطَسَ في السَّدادِ |
وَمَطَّلَعُهَا عَليكَ مُسَوَّماتٍ |
تَضِيقُ بِهَمِّها سَعَة ُ البِلادِ |
إذا ما الطَّعْنُ أنحلَها العوالِي |
فَدى الأعْجازَ مِنْها بِالهَوادِي |
فِداؤُكَ كلُّ مكبُوتٍ مغيظٍ |
يخافيكَ العداوَة َ أوْ يُبَادِي |
فَإنَّكَ ما بَقِيتَ لَنا سَلِيماً |
فما ننفَكُّ في عيدٍ مُعادِ |
أبُوكَ تَدارَكَ الإسلامَ لَمَّا |
وَهَى أوْ كَادَ يُؤْذِنُ بانْهِدَادِ |
سَخَا بِالنَّفْسِ شُحّاً بِالمَعالِي |
وجاهَدَ بالطَّريفِ وبالتِّلادِ |
كَيَوْمِكَ إذْ دَمُ الأعْلاجُ بَحْرٌ |
يُريكَ البحرَ في حُللٍ وِرادِ |
عَزائِمُكَ العَوائِدُ سِرْنَ فِيهمْ |
بِما سَنَّتْ عَزائِمُهُ البَوادِي |
وهذا المجدُ من تلكَ المساعِي |
وهذا الغيث من تلكَ الغوادِي |
وأنتُمْ أهلُ معدلة ٍ سبقتُمْ |
إلى أمدِ العُلى سبقَ الجيادِ |
رَعى مِنْكَ الرَّعِيَّة َ خَيْرُ رَاعٍ |
كَرِيمِ الذَّبِّ عَنْهُمْ والذِّيَادِ |
تقيتَ اللهَ حقَّ تُقاهُ فيهمْ |
وتقْوى اللهِ مِن خيرِ العتادِ |
كأنَّكَ لا تَرى فِعْلاً شَرِيفاً |
سِوَى ما كانَ ذُخْراً لِلْمَعادِ |
مَكارِمُ بَعْضُها فِيهِ دَليلٌ |
على ما فيكَ من كَرمِ الولادِ |
هَجرْتَ لَها الكَرَى شَغَفاً وَوَجْداً |
وَكُلُّ أخِي هَوى قَلِقُ الوِسادِ |
غنيتُ بسيبكَ المرجوِّ عنْهُ |
كَما يَغْنَى الخَصِيبُ عَنِ العِهادِ |
ورَوَّانِي سَمَاحُكَ مَا بَدَالي |
فما أرْتاحُ للعذبِ البُرادِ |
إذا نفقَ الثناءُ بأرضِ قومٍ |
فلَسْتُ بخائفٍ فيهَا كسادِي |
فَلاَ تَزَلِ اللَّيالِي ضَامِناتٍ |
بقاءَكَ ما حَدا الأظعانَ حادِ |
ثنائِي لا يُكَدِّرُهُ عِتابي |
وَقَوْلِي لاَ يُخالِفهُ اعْتِقَادِي |