إذا لمْ يكنْ مِنْ حادِثِ الدَّهْرِ موئِلُ |
ولمْ تُغنِ عنكَ الحزنُ فالصبرُ أجملُ |
وأهونُ ما لاقيتَ ما عزَّ دفعهُ |
وقدْ يصَعُبُ الأمرُ الأشَدُّ فيَسْهُلُ |
وما هذه الدنيا بدارِ إقامة ٍ |
فيَحْزَنَ فِيها القاطِنُ المُتَرَحِّلُ |
هِيَ الدَّارُ إلاَّ أنَّها كَمَفَازَة ٍ |
أناخَ بِها رَكْبٌ وَرَكْبٌ تَحَمَّلُوا |
مُنينَا بِها خَرْقَاءَ لا العَذْلُ تَرْعَوِي |
إليهِ ولا محضَ النصيحَة تقبلُ |
لَنا وَلَها فِي كُلِّ يَومٍ عَجائِبٌ |
يَحَارُ لَها لُبُّ اللَّبِيبِ ويذْهَلُ |
يَطُولُ مَدَى الأفْكارِ فِي كُنْهِ أمْرِها |
فَيَنْكُصُ عَنْ غَاياتهِ المُتَوغِّلُ |
وإن لمنْ مرِّ الجديدينِ في وغى ً |
إذا فرَّ منهَا جحفلٌ كرَّ جحفلُ |
تجرِّدُ نصلاً والخلائقُ مفصِلٌ |
وَتُنْبِضُ سَهْماً والبَرِيَّة ُ مَقْتَلُ |
فَلا نَحْنُ يَوماً نَستَطِيعُ دِفَاعَها |
وَلاَ خَطْبُها عَنَّا يَعِفُّ فيُجْمِلُ |
وَلاَ خَلْفَنَا مِنْها مَفَرٌّ لِهارِبٍ |
فكيفَ لمنْ رامَ النجاة َ التَّحيُّلُ |
وَلا نَاصِرٌ إلاَّ التَّمَلْمُلُ والأسَى |
وماذا الذي يُجدِي الأسى والتململُ |
نبيتُ على وعدٍ منَ الموتِ صادقٍ |
فمنْ حائنٍ يقضى وآخرَ يُمطلُ |
وَكُلٌّ وإنْ طَالَ الثَّواءُ مَصِيرُهُ |
إلى موردٍ ما عنْهُ للخلقِ معدِلُ |
فَوا عَجَبا مِنْ حَازِمٍ مُتَيَقِّنٍ |
بأنْ سَوْفَ يَرْدى كَيْفَ يَلْهُو ويَغْفُلُ |
ألا لاَ يَثِقْ بالدَّهْرِ مَا عَاشَ ذُو حِجى ً |
فَما وَاثِقٌ بالدَّهْرِ إلاَّ سَيَخْجَلُ |
نَزَلْتُ علَى حُكْمِ الرَّدَى في مَعاشِرِي |
ومن ذا على حُكمِ الردى ليس ينزلُ |
تبدَّلتُ بالماضينَ منهُمْ تعلَّة ً |
وأيْنَ مِنَ المَاضِينَ مَنْ أتَبَدَّلُ |
إذَا ماءُ عَيْنِي بَانَ كَانَ مُعَوَّلِي |
علَى الدَّمْعِ إنَّ الدَّمْعَ بِئْسَ المِعَوَّلُ |
كفى حزَناً أن يُوقِنَ الحيُّ أنهُ |
بسيفِ الردى لا بُدَّ أنْ سوفَ يُقتلُ |
لِيَبْكِ جَمَالَ الدَّوْلَة ِ البَأسُ والنَّدَى |
إذا قلَّ مَنَّاعٌ وأعوزَ مُفضِلُ |
فَتى ً كَانَ لاَ يُعْطِي السَّواءَ قَسِيمَهُ |
إباءً إذا مَا جاشَ لِلْحَرْبِ مِرْجَلُ |
ولاَ يعرِفُ الإظماء في المحلِ جارُهُ |
سَماحاً وَلَوْ أنَّ المَجَرَّة َ مَنْهَلُ |
فمنْ مُبلِغُ العلْياءِ أنِّيَ بعدَهُ |
ظمئْتُ وأخلافُ السحائِبِ حُقَّلُ |
فَوا أسفَا مَنْ لِلطَّرِيدِ يُجْيرُهُ |
إذا نَاشَهُ نابٌ مِنَ الخَوْفِ أعْصَلُ |
وَوا أسَفاً مَنْ للفقيرِ يميرُهُ |
إذا شفَّهُ داءٌ مِنَ الفقرِ مُعضِلُ |
تهدَّمَ ذاكَ الباذِخُ الشامِخُ الذُّرى |
وأقْلَعَ ذاك العارِضُ المُتَهَلِّلُ |
فَيا مَانِعَ اللاَّجِينَ ها أنَا مُسْلَمٌ |
وَيَا مُمْطِرَ الرَّاجِينَ ها أنا مُمْحِلُ |
أحِينَ احْتَبى فِيكَ الكَمَالُ وَخُوِّلَتْ |
يداكَ من العلْياءِ ما لا يُخوَّلُ |
وشايعكَ العزمُ الفَتيُّ وناضَلَ النَّـ |
ـوائبَ عنكَ السُّؤْدَدُ المُتكَهِّلُ |
ولمْ تُبْقِ حظاً مِنْ عُلاً تستزيدُهُ |
ولا حُلَّة ً مِنْ مفخرٍ تتسربَلُ |
رَمَاكَ فأصْمَاكَ الزَّمانُ بِكَيْدِهِ |
كذا تنقُصُ الأقمارُ أيَّانَ تكمُلُ |
وما كنتُ أخشى أن يَفُوتَ بكَ الرَّدى |
ولمَّا يكنْ يومٌ أغرُّ محجَّلُ |
ولمَّا يَقُمْ مِنْ دُونِ ثأْرِكَ معشَرٌ |
إذا عزمُوا في النَّائِباتِ توكَّلُوا |
مَناجُيدُ وثَّابُونَ فِي كُلِّ صَهْوَة ٍ |
مِنَ العِزِّ قَوَّالُونَ لِلْمَجْدِ فُعَّلُ |
أتَذْهَبُ لَمْ يُشِرَعْ أمامَكَ ذَابِلٌ |
لمنعِ ولَمْ يُشْهَرْ وراءَكَ مُنْصُلُ |
فهَلاَّ بِحيثُ المَشْرَفِيَّة ُ رُكَّعٌ |
تُكَبِّلُ في هامِ العِدى وتُهَلِّلُ |
وألاَّ بحيثُ السمهرية ُ شُرَّعٌ |
تُعَلُّ مِنَ الأكبادِ ريّا وتُنهَلُ |
كدأْبكَ أيامَ الحوادِثُ نُوَّمٌ |
وجدُّكَ يقظانٌ وحدُّكَ مقصَلُ |
فَهَلْ عَالِمٌ جَيْهانُ أنَّكَ بَعدَهُ |
رمى بِكَ مرماهُ الحِمامُ المُعجَّلُ |
سلكْتَ وإيَّاهُ سبيلاً غدَا بهِ |
زمانُكُما في قِسمة ِ الجورِ يعدِلُ |
سقاكَ وإنْ لم يُرْضِنِي فيكَ وابِلٌ |
ولوْ حلَّ لِي قُلتُ الرَّحيقُ المُسلسلُ |
مِنَ المُزْنِ مَشْمُولٌ يَرِفُّ كأنَّهُ |
بِجُودِ جَلالِ المُلْكِ يَهْمِي ويَهْطِلُ |
ومهمَا هفَتْ يوماً من الجَوِّ نفحة ٌ |
فَهَبَّ بِحِضْنَيْكَ النَّسِيمُ المُمَنْدَلُ |
وَلاَ عَدِمَ المَوْلَى مِنَ الأجْرِ خَيْرَهُ |
وبُلِّغَ فِي أعْدَائهِ مَا يُؤَمِّلُ |
فِدَى ً لَكَ مِنْ تَحْتَ السَّماءِ وَلاَ تَزَلْ |
وَمَجْدُكَ مَرْفِوعُ البِناءُ مُؤَثَّلُ |
إذَا جَلَّ خَطْبٌ غالَ هَمَّكَ عِنْدَهُ |
نُهى ً تَسَعُ الخَطْبَ الجَلِيلَ وتَفْضُلُ |
وأرْغَمْتَ أنْفَ النَّائِبَاتِ بِوَطْأَة ٍ |
تخِفُّ على ظهرِ الزمانِ وتثقُلُ |
وأيُّ مُلِمٍّ يَزْدَهِيكَ وإنَّمَا |
بحلمكَ في أمثالِهِ يُتمثَّلُ |
غنِيتَ بما تقضي به عندَكَ النُّهى |
وفضْلِكَ عنْ تعريفِ ما لَسْتَ تهجَلُ |
ومَاذَا يَقُولُ القائِلُونَ لِمَاجِدٍ |
أصِيلِ الحجى في لفظة ٍ منهُ فيصَلُ |