أحتى إلى العلياءِ يا خطبُ تطمحُ
|
وحَتَّى فُؤادَ المَجْدِ يا حُزْنُ تَجْرَحُ
|
أَكُلُّ بقاءٍ للفَناءِ مُؤَهَّلٌ
|
وكُلُّ حياة ٍ للحِمامِ تُرَشَّحُ
|
سَلَبْتَ فَلَمْ تَتْرُكْ لِباقٍ بَقِيَّة ً
|
فيا دَهْرُ هلاَّ بالأفاضِلِ تسمحُ
|
تجافَ عنِ المعروفِ ويحكَ إنَّهُ
|
لِما يُجْتَوى مِنْ فَاسِدٍ فِيكَ مُصْلِحُ
|
إذا كنتَ عنْ ذِي الفضلِ لستَ بصافحٍ
|
فَواحسْرَتا عَمَّنْ تَكُفُّ وَتصْفَحُ
|
خَلِيليَّ قَدْ كانَ الَّذِي كانَ يُتَّقى
|
فما عُذْرُ عينٍ لا تَجُودُ وتَسْفَحُ
|
قِفا فاقضِيا حقَّ المعالِي وقَلَّما
|
يَقُومُ بِه دَمْعٌ يَجُمُّ وَيطْفَحُ
|
فمنْ كانَ قبلَ اليومِ يستقبحُ البُكا
|
فَقَدْ حَسُنَ اليَوْمَ الَّذِي كانَ يَقْبُحُ
|
فلا رُزْءَ مِن هذا أعمُّ مُصِيبة ً
|
وَلا خَطْبَ مِنْ هذا أمَرُّ وأفْدَحُ
|
مُصابٌ لَوَ کنَّ اللَّيْلَ يُمْنَى بِبَعْضِ مَا
|
تَحَمَّلَ مِنْهُ المَجْدُ مَا كانَ يُصْبِحُ
|
وحُزنٌ تساوى الناسُ فيهِ وإنَّما
|
يَعُمُّ مِنَ الأحْزانِ ما هُوَ أبْرَحُ
|
تَرى السَّيْفَ لا يَهْتزُّ فِيه كآبَة ً
|
وَلا زاعِبِيَّاتِ القَنَا تَتَرَنَّحُ
|
فيا للمعالِي والعَوالِي لهالِكٍ
|
لهُ المجْدُ باكٍ والمَكارِمُ نُوَّحُ
|
مَضى مُذْ قَضى تِلْكَ العَشِيَّة َ نَحْبَهُ
|
وَما كُلُّ مغْبُوقٍ مِنَ العَيْشِ يُصْبَحُ
|
لغاضَ لَهُ ماءُ النَّدى وهوَ سائحٌ
|
وضَاق بهِ صَدْرُ العُلى وَهْوَ أفْيَحُ
|
ظَلِلْنا نُجِيلُ الفِكْرَ هَلْ تَمْنَعُ الرَّدَى
|
كتائِبُهُ واليومَ أرْبَدُ أكلحُ
|
فَما مَنَعتْ بُتْرٌ مِنَ البِيضِ قُطَّعٌ
|
ولا كَفَّ معروفٌ منَ الخيرِ أسجَحُ
|
وهيهاتَ ما يَثْنِي الحمامَ إِذا أَتى
|
جِدَارٌ مُعَلّى ً أوْ رِتاجٌ مُصَفَّحُ
|
وَلا مُشْرعاتٌ بالأسِنَّة ُ تَلْتَظِي
|
ولا عادِياتٌ في الأَعنَّة ِ تضْبَحُ
|
وَلا سُؤْدَدٌ جَمٌّ بهِ الخَطْبُ يُزْدَهى
|
وَلا نَائِلٌ غَمْرٌ بهِ القَطْرُ يُفْضَحُ
|
فَياللَّيالِي كَيْفَ أنْجُو مِنَ الرَّدَى
|
وَخَلْفِي وقُدَّامِي لَهُ أيْنَ أسْرَحُ
|
أأرجُو انتصاراً بعدَ ما خُذِلَ النَّدى
|
وآمُلُ عِزّاً والْكُرامُ تُطَحْطَحُ
|
أرى الإلفَ ما بَيْنَ النُّفُوسِ جَنى لَها
|
جَوانِحَ تُذْكى أوْ مَدامِعَ تَقْرَحُ
|
فَيا وَيْحَ إخْوانِ الصَّفَاءِ مِنَ الأسى
|
إذا ما اسْتَردَّ الدَّهْرُ مَا كانَ يَمْنَحُ
|
ومَنْ عاشَ يوماً ساءَهُ ما يسُرُّهُ
|
وَأحْزَنَهُ الشَّيْءُ الَّذِي كانَ يُفْرِحُ
|
عَزاءً جَلالَ المُلْكِ إنَّكَ لَمْ تَزَلْ
|
بفضلِ النُّهى في مقفلِ الخطب تفتَحُ
|
فذا الدَّهرُ مطوِيٌ علَى البُخْلِ بَذْلُهُ
|
يَعُودُ بِمُرِّ المَذْقِ حِينَ يُصَرِّحُ
|
يُساوِي لدَيهِ الفضْلَ بالنَّقْصِ جهلُهُ
|
وسيَّانِ للمكفوفُ مُمْسى ً ومُصْبَحُ
|
وَمِثْلُكَ لا يُعْطِي الدُّمُوعَ قِيادَهُ
|
ولوْ أنَّ إدْمانَ البُكا لكَ أرْوحُ
|
ولوْ كانَ يُبْكى كلُّ ميتٍ بقدرِهِ
|
إذاً عَلِمَتْ جَمَّاتُها كَيْفَ تُنْزَحُ
|
لَسالَتْ نُفُوسٌ لا دُمُوعٌ مُرِشَّة ٌ
|
وَعَمَّ حِمامٌ لا سقَامٌ مُبَرِّحُ
|
وما كنتَ إذْ تلْقى الخُطُوبَ بضارِعِ
|
لها أبداً أنّى وحلْمُكَ أرجَحُ
|
وَكَمْ عَصَفَتْ فِي جانِبَيْكَ فَلَمْ تَبِتْ
|
لهَا قلِقاً والطَّوْدُ لا يتزحزَحُ
|
وأيُّ مُلِمٍّ فِي علائِكَ يَرْتَقِي
|
وأيُّ الرَّزايا في صفاتِكَ يقدَحُ
|