أرى العلياءَ واضحة َ السبيلِ
|
فما للغُرِّ سالِمَة َ الحُجُولِ
|
إلى كَمْ يَقْتَضِيكَ المَجْدُ دَيْناً
|
تحيلُ بهِ على القدِر المَطُولِ
|
وأيُّ فتًى تَمرَّسَ بِالمَعالِي
|
فلم يهجمْ على خطرٍ مهولِ
|
وإنَّ عِناقَ حَرِّ المَوْتِ أوْلَى
|
بِذِي الإمْلاقِ مِنْ برْدِ الْمَقِيلِ
|
وما كانتْ مُنى ً بعدتْ لتغلُو
|
بطولِ مشقَّة ِ السيرِ الطَّويلِ
|
فكيفَ تخيمُ والآمالُ أدْنى
|
إليكَ منَ القداحِ إلى المجيلِ
|
وقدْ نادى النَّدى هلْ مِنْ رجاءٍ
|
وقالَ النَّيْلُ هَلْ مِنْ مُسْتَنِيلِ
|
وَلَمْ أرَ قَبْلَهُ أمَلاً جَواداً
|
يُشارُ بِهِ إلى عَزْمٍ بَخِيلِ
|
علامَ تروِّضُ الحصباءُ خِصْباً
|
وَتَجْزَعُ أنْ تُعَدَّ مِنَ المُحُولِ
|
وَكَيْفَ تَرى مِياهَ الفَضْلِ إلاَّ
|
وقَدْ رُشِفَتْ بِأفْواهِ العُقُولِ
|
لقدْ أعطتكَ صحتَها الأمانِي
|
فَلا تَعْتَلَّ بالحَظِّ العَلِيلِ
|
وَما لَك أنْ تَسُومَ الدَّهْرِ حَظًّا
|
إذا ما فُزتَ بالذِكْرِ الجميلِ
|
إذا أهْلُ الثَّناءِ عَلَيْكَ أثنوَا
|
فسِرْ فِي المَكْرُماتِ بلا دليلِ
|
أرَى حُلَلَ النَّباهَة ِ قَدْ أظَلَّتْ
|
تُنَازِعُ فِيَّ أطْمَارَ الخُمُولِ
|
فَيا جَدِّي نَهَضْتَ وَيا زَمانِي
|
جَنَيْتَ فَكُنْتَ أحْسَنَ مُسْتَقِيلِ
|
وَيا فَخْرِي ـ وَفَخْرُ المُلْكِ مُثْنٍ
|
عليَّ - لقدْ جَرَيْتُ بلا رَسِيلِ
|
تَفَنَّنَ فِي الْعَطاءِ الجَزْلِ حَتَّى
|
حبانِي فيهِ بالحمْدِ الجزِيلِ
|
فَها أنا بينَ تَفْضِيلٍ وَفَضْلٍ
|
تبَرُّعُ خيرِ قوّالٍ فَعُولِ
|
غريبُ الجُودِ يحمدُ سائليهِ
|
وفَرْضُ الحمْدِ ألْزَمُ للسَّؤُولِ
|
سقانِي الرِّيَّ مِنْ بشرٍ وجودٍ
|
كَما رَقَصَ الْحَبابُ عَلى الشَّمُولِ
|
وَأعْلَمُ أنَّ نَشْوانَ العَطايا
|
سيخمَرُ بالغِنا عمّا قليلِ
|
أما ونَداكَ إنَّ لَهُ لَحَقًّا
|
يُبِرُّ بِهِ ألِيَّة َ كُلِّ مُولِ
|
لئنْ أغربْتَ في كرمِ السَّجايا
|
لقدْ أعربْتَ عنْ كرمِ الأُصولِ
|
ألا أبلِغْ مُلوكَ الأرضِ أنِّي
|
لَبِسْتُ العَيْشَ مَجْرُورَ الذُّيُولِ
|
لدى ملكٍ متى نكَّبْتَ عنهُ
|
فَلَسْتَ عَلَى الزَّمانِ بمُسْتَطِيلِ
|
ولمّا عزَّ نائلُهُمْ قياداً
|
وَهَبْتُ الصَّعْبَ مِنْهُمْ للِذَّلُولِ
|
وطلَّقْتُ المنى لا العزمُ يوماً
|
لهُنَّ وَلا الرَّكائِبُ لِلذَّمِيلِ
|
وَلَوْلا آلُ عَمّارٍ لَباتَتْ
|
تَرى عرْضَ السماوة ِ قيدَ ميلِ
|
أعَزُّونِي وأغْنُونِي وَمِثْلِي
|
أعِينَ بكُلِّ منّاعٍ بَذُولِ
|
وَحَسْبُكَ أنَّنِي جارٌ لِقَوْمٍ
|
يُجِيرونَ القَرَارَ مِنَ السُّيُولِ
|
أَلا للهِ درُّ نَوى ً رمَتْ بِي
|
إلى أكنافِ ظلِّهمِ الظَّليلِ
|
وَدَرُّ نَوائِبٍ صَرَفَتْ عِنانِي
|
إلَى تِلْقائِهِمْ عِنْدَ الرَّحِيلِ
|
أُسَرُّ بِأنَّ لِي جَدًّا عَثُوراً
|
وَعمّارُ بْنُ عمّارٍ مُقِيلِي
|
وَلَوْلاَ قُرْبُهُ ما كُنْتُ يَوْماً
|
لأشْكُرَ حادِثَ الخطْبِ الجليلِ
|
وقدْ يهوى المحبُّ العذْلَ شوْقاً
|
إلَى ذِكْرِ الأحِبَّة ِ لا العَذُولِ
|
لَهُ كَرَمُ الغَمامِ يَجُودُ عَفْواً
|
فيُغْنِي عنْ ذَرِيعٍ أو وَسِيلِ
|
وَما إنْ زِلْتُ أرْغَبُ عَنْ نَوالٍ
|
يُقَلِّدُنِي يداً لِسوَى المُنِيلِ
|
تَجُودُ بِطيبِ رَيّاها الخُزَامى
|
وَيَغْدُو الشُّكْرُ لِلرِّيحِ الْقَبُولِ
|
وغيرِي منْ يُصاحِبُهُ خُضُوعٌ
|
أنَمُّ مِنَ الدُّمِوعِ عَلى الغَلِيلِ
|
يعُبُّ إذا أصابَ الضَّيْمُ شَرْباً
|
وَبَعْضُ الذُّلِّ أوْلَى بِالذَّلِيلِ
|
ترفَّعَ مطلَبي عنْ كُلِّ جُودٍ
|
فَما أبْغِي بِجُودِكَ مِنْ بَدِيلِ
|
وَمَالِي لا أَعافُ الطَّرْقَ وِرْداً
|
وقدْ عرضَتْ حِياضُ السَّلْسَبيلِ
|
وَقَدْ عَلَّمْتَنِي خُلُقَ المَعالي
|
فما أرْتاحُ إلاّ للنَّبيلِ
|
ولِي عندَ الزَّمانِ مُطالَباتٌ
|
فما عُذْرِي وأنْتَ بها كَفِيلي
|
وإنَّ فتى ً رآكَ لهُ رجاءً
|
لهْلٌ أنْ يُبَلَّغَ كلَّ سُولِ
|
ورُبَّ صَنِيعَة ٍ خُطِبْت فزفَّتْ
|
إلى غَيرَ الكَفِيءِ مِنَ البُعُولُ
|
أبِنْ قدرَ اصطناعِكَ لي بنعُمى
|
تبُوحُ بسرٍّ ما تُسْدِي وتوُلِي
|
إذا ما رَوَّضَ البَطْحاءِ غَيْثٌ
|
تَبَيَّنَ فضْلُ عارِضِهِ الهَطُولِ
|
وأعلِنْ حُسْنَ رأْيكَ فيَّ يرجَحْ
|
عَدُوِي فِي المودَّة ِ مِنْ خليلِي
|
فَلَيْسَ بِعائِبِي نُوَبٌ أكلَّتْ
|
شَبا عزْمِي ولَمْ يَكُ بالكَليلِ
|
فإنَّ السَّيفَ يُعْرَفُ ما بَلاهُ
|
بما في مضرِبيهِ منَ الفُلُولِ
|
وكَائِنْ بالعَواصِمِ مِنْ مُعَنّى ً
|
بِشَعْرِي لا يَرِيعُ إلى ذُهُولِ
|
أقَمْتُ بأرْضِهِمْ فحللْتُ مِنْها
|
محَلَّ الخال في الخدِّ الأسيلِ
|
وَلَكِنْ قَادَنِي شَوْقِي إلَيْكُمْ
|
وحُبِّي كُلَّ معدومِ الشُّكُولِ
|
فَأطْلَعَ فِي سَمائِكَ مِنْ ثَنائِي
|
نُجُومَ عُلًى تَجِلُّ عَنِ الأُفُولِ
|
سوائِرُ تَمْلأُ الآفاقَ فضْلاً
|
تُعِيدُ الغُمْرَ ذَا رَأيٍ أصِيلِ
|
قَصائِدُ كالكَنائِنِ فِي حَشاها
|
سِهامٌ كالنُّصُولِ بَلا نُصُولِ
|
نزائِعُ عَنْ قِسِيِّ الفكرِ يُرمى
|
بِها غَرَضُ المَوَدَّة ِ والذُّحُولِ
|
وَكُنَّ إذا مَرَقْنَ بِسَمْعِ صَبٍّ
|
أصَبْنَ مَقاتِلَ الهَمِّ الدَّخِيلِ
|
إذا ما أُنْشدتْ في القومِ رقَّتْ
|
شمائِلُ يَوْمِهِمْ قَبْلَ الأَصِيلِ
|
تَزُورُ أبا عَلِيٍّ حَيْثُ أرْسَتْ
|
هضابُ العزِّ والمجدِ الأَثِيلِ
|
وَمَنْ يَجْزِيكَ عَنْ فِعْلٍ بِقَوْلٍ
|
لقد حاوَلْتَ عيْنَ المستحيلِ
|
وَكَيْفَ لِي السَّبِيلُ إلى مَقالٍ
|
يُخفِّفُ محملَ المنِّ الثَّقيلِ
|
فَلا تَلِمُ القَوافِيَ إنْ أطالَتْ
|
قطيعَة َ برِّكَ البَرِّ الوَصولِ
|
هَرَبْتُ مِنَ ارْتِياحِكَ حِينَ أنْحى
|
عَلَى حَمْدِي بِعَضْبِ نَدى ً صَقِيلِ
|
ولمّا عُذْتُ بالعلْياءِ قالَتْ
|
لَعَلَّكَ صاحِبُ الشُّكْرِ القَتِيلِ
|
فيا لَكَ مِنَّة ً فضحَتْ مَقالِي
|
ومِثْلِي في القَريضِ بلا مَثِيلِ
|
فعُذْراً إنْ عجزْتُ لِطُولِ هَمِّي
|
عَنِ الإسْهَابِ والنَّفْسِ الطَّوِيلِ
|
فإنْ وجى الجيادِ إذا تمادى
|
بها شفل الجياد عن الصّهيل
|