أعطى الشبابَ منَ الآرابِ ما طَلَبا
|
وراحَ يختالُ في ثوبيْ هوى ً وصِبا
|
لَمْ يُدْرِكِ الشَّيْبُ إلاّ فَضْلِ صَبْوَتِهِ
|
كَما يُغادِرُ فَضْلَ الكأسِ مَنْ شَرِبا
|
رأى الشَّبِيبَة َ خَطّاً مُونِقاً فَدَرى
|
أنَّ الزَّمانَ سيمْحُو مِنْهُ ما كَتَبا
|
إنَّ الثَّلاثِينَ لَمْ يُسْفِرْنَ عَنْ أحَدٍ
|
إلا ارتَدى بِرِداءِ الشَّيْبِ وانتَقَبا
|
وَالْمَرْءُ مَنْ شَنَّ فِي الأيَّامِ غارَتَهُ
|
فبادَرَ العيشَ باللَّذاتِ وانتهبَا
|
ما شاءَ فليتَّخِذْ أيّامَهُ فُرَصاً
|
فَلَيْسَ يَومٌ بِمَرْدُودٍ إذا ذَهَبا
|
هلِ الصِّبى غيرُ محبوبٍ ظَرِفْتُ بهِ
|
لَمْ أقْضِ مِنْ حُبِّهِ قَبْلَ النَّوَى أرَبا
|
إنِّي لأحْسَدُ مَنْ طاحَ الغَرامُ بهِ
|
وجاذَبَتْهُ حِبالُ الشوْقِ فانْجَذَبا
|
والعَجْزُ أنْ أتْرُكَ الأوْطار مُقْبِلَة ً
|
حتّى إذا أدْبَرَتْ حاوَلْتُها طَلَبا
|
مالِي وللْحَظِّ لا ينفكُّ يقذِفُ بي
|
صُمَّ المطالِبِ لا وِرْداً ولا قَرَبا
|
أصبَحْتُ فِي قَبْضَة ِ الأيّامِ مُرْتَهَناً
|
نائِي المَحَلِّ طَرِيداً عَنْهُ مُغتَرِبا
|
ألَحَّ دَهْرٌ لَجُوجٌ فِي مُعانَدَتِي
|
فكُلَّما رُضْتُهُ في مطلَبٍ صَعُبا
|
كخائِضِ الوحْلِ إذْ طالَ الْعناءُ بهِ
|
فكُلَّما قلْقَلَتْهُ نهْضة ٌ رَسَبا
|
لأسلُكَنَّ صروفَ الدهرِ مُقتحِماً
|
هوْلاً يُزَهِّدُ في الأَيامِ مَنْ رَغِبا
|
غضْبانَ للمجدِ طلاّباً بثأْرِ عُلاً
|
واللَّيثُ أفْتَكُ مَا لاقى إذا غَضِبا
|
عِندِي عزائمُ رأْيٍ لوْ لَقِيتُ بِها
|
صَرْفَ الزَّمانِ لَوَلَّى مُمْعِناً هَرَبا
|
لاَ يَمْنَعَنَّكَ مِنْ أمْرٍ مَخافَتُهُ
|
لَيْسَ العُلى لِنَفِيسٍ يَكْرَهُ العَطَبا
|
كنْ كيفَ شئتَ إذا ما لمْ تَخِمْ فَرَقاً
|
لا عَيْبَ للسيفِ إلا أنْ يُقالَ نَبا
|
لاَ تَلْحَ فِي طَلَب العَلْياءِ ذَا كَلَفٍ
|
فقلَّما أعتَبَ المُشْتاقُ منْ عَتَبا
|
لَتَعْلَمَنَّ بَناتُ الدَّهْرِ ما صَنَعَتْ
|
إذا استشاطتْ بناتُ الفكرِ لي غَضَبا
|
هيَ القوافِي فإنْ خطْبٌ تمرَّسَ بِي
|
فَهُنَّ ما شاءَ عَزْمِي مِنْ قَناً وَظُبا
|
عقائِلٌ قلَّما زُفَّتْ إلى مَلِكٍ
|
إلا أباحَ لهنَّ الودَّ والنَّشَبا
|
غَرائِبٌ ما حَدا الرَّكْبُ الرِّكابَ بِها
|
إلاَّ تَرَنَّحْنَ مِنْ تَرْجِيعها طَرَبا
|
منْ كُلِّ حسْناءَ تَقْتادُ النُّفُوسَ هوى ً
|
إذا ألَمَّ بِسَمْعٍ رَجْعُها خَلَبا
|
شامَتْ بُرُوقَ حَياً باتَتْ تشِبُّ كَما
|
تُجاذِبُ الرِّيحُ عنْ أرماحِها العَذَبا
|
وکسْتَوْضَحَتْ سبُلَ الآمالِ حائِدَة ً
|
عَنِ المُلُوكِ إلى أعلاهُمُ حَسَبا
|
تَؤُمُّ أبهرهُمْ فضلاً وأغمَرَهُمْ
|
بذْلاً وأفخرهُمْ فعلاً ومُنتسَبا
|
تفيَّأَتْ ظلَّ فخرِ الملكِ واغتبطَتْ
|
بِحَيْثُ حُلَّ عِقالُ المُزْنِ فکنْسَكَبا
|
حَتَّى إذَا وَرَدَتْ تَهْفُو قَلائِدَها
|
ألفَتْ أغَرَّ بِتاجِ المَجْدِ مُعْتَصِبا
|
أشَمَّ أشوسَ مضروباً سُرادقُهُ
|
عَلَى المَالِكِ مُرْخٍ دُونَها الْحُجُبا
|
مُمَنَّعَ العِزِّ معْمُورَ الفِناءِ بهِ
|
مُظَفَّرَ العَزْمِ وَالآراءِ مُنْتَجَبا
|
مِنْ مَعْشَرٍ طَالَما شَبُّوا بِكُلِّ وَغَى ً
|
ناراً تَظَلُّ أعادِيهِمْ لَها حَطَبا
|
بِيضٌ تَوَقَّدُ فِي أيمانِهِمْ شُعَلٌ
|
هِيَ الصَّواعِقُ إذْ تستوطِنُ السُّحُبا
|
مِنْ كُلِّ أرْوَعَ مَضّاءٍ إذا قَصُرَتْ
|
خُطَى المُحامِينَ فِي مَكْرُوهة ٍ وَثَبا
|
ذَا لا كَمَنْ قَصَّرَتْ فِي المَجْدِ هِمَّتُهُ
|
فباتَ يستبعِدُ المَرْمى الذي قَرُبا
|
غَضْبِ العَزِيمَة ِ لَوْ لاقَتْ مَضارِبُها
|
طُوداً منَ المُشْرِفاتِ الصُّمِّ لانْقَضَبا
|
زاكِي العُرُوقِ لَهُ مِنْ طيِّءٍ حسبٌ
|
لوْ كانَ لفظاً لكانَ النظْمَ والخُطَبا
|
الهادِمِينَ مِنَ الأمْوالِ ما عَمَرُوا
|
والعامِرينَ منَ الآمالِ ما خَرِبا
|
رَهْطِ السَّماحِ وفِيهِمْ طَابَ مَوْلِدُهُ
|
إنَّ السَّماحَ يَمانٍ كُلَّما انْتسبَا
|
أمّا المُلوكُ فمالِي عندَهُمْ أرَبٌ
|
مَنْ جاَوَر العِدَّ لَمْ يَسْتَغْزِرِ القُلُبا
|
أيُّ المطالِبِ يَستَوْفِي مدَى هِمَمِي
|
والشُّهْبُ تَحْسَبُها مِنْ فَوْقِها الشُّهُبا
|
خَلا نَدى مَلِكٍ تُصْبِي خلائِقُهُ
|
قَلْبَ الثَّناءِ إذا قَلْبُ المُحِبِّ صَبَا
|
لقدْ رَمَتْ في مرامِيها النَّوى زمناً
|
فاليومَ لا أنتَحِي في الأرضِ مُضْطَرَبا
|
أأرْتَجِي غيرَ عمارٍ لنائِبة ٍ
|
إذنْ فلا آمنتنِي كفُّهُ النُّوَبا
|
المانِعُ الجارَ لوْ شاءَ الزَّمانُ لَهُ
|
إنَّ الزَّمانَ بَرَتْ عُودِي نَوائِبُهُ
|
الباذِلُ المالَ مَسْئولاً وَمُبْتَدِئاً
|
والصّائنُ المجْدَ مورُوثاً ومُكْتَسَبا
|
الواهِبُ النِّعْمَة َ الخَضْراءِ يُتْبِعُها
|
امثالَها غيْرَ مُعتدٍّ بما وَهَبا
|
إذا أرَدْتُ أفاءَتْنِي عَواطِفُهُ
|
ظِلاًّ يُرِيحُ لِيَ الحَظَّ الَّذِي عَزَبا
|
والجَدُّ والْفَهْمُ أسْنَى مِنْحَة ٍ قُسِمَتْ
|
لِلطالِبينَ ولَكِنْ قَلَّما اصْطَحبا
|
أرانِيَ العيْشَ مُخضَرّاً وأسْمَعَنِي
|
لَفْظاً إذا خاضَ سَمْعاً فَرَّجَ الكُرَبا
|
خَلائِقٌ حَسُنَتْ مَرْأى وَمُسْتَمَعاً
|
قَوْلاً وفِعْلاً يُفِيدُ المالَ وَالأدَبا
|
كالرَّوْضِ أهْدى إلى رُوّادهِ أرَجاً
|
يُذْكِي النَّسِيمَ وأبْدَى مَنْظَراً عَجَبا
|
عادتْ بسعدِكَ أعيادُ الزمانِ ولا
|
زالَ الهناءُ جديداً والمُنى كَثَبا
|
إنَّ الزَّمانَ بَرَتْ عُوِي نوائِبُهُ
|
فَما أُعَدُّ بِهِ نَبْعاً وَلا غَرَبا
|
وغَالَ بِالْخَفْضِ جَداً كانَ مُعْتَلِياً
|
وَبِالْمَرارَة ِ عَيْشاً طَالَما عَذُبا
|
فَما سَخا الْعَزْمُ بِي إلاّ إلَيْكَ وَلا
|
وَقَفْتُ إلاّ عَلَيْكَ الظَّنَّ مُحْتَسِبا
|
يا رُبَّ أجْرَدَ ورْسِيٍّ سرابِلُهُ
|
تَكادُ تَقبِسُ مِنْهُ فِي الدُّجَى لَهَبا
|
إذا نَضا الفَجْرُ عَنْهُ صِبْغَ فِضَّتِهِ
|
أجْرى الصَّباحُ علَى أعطافِهِ ذَهَبا
|
يَجْرِي فَتَحْسُرُ عَنْهُ العَيْنُ ناظِرَة ً
|
كَما اسْتَطارَ وَمِيضُ البَرْقِ والْتَهَبا
|
جَمِّ النَّشاطِ إذا ظُنَّ الكَلالُ بِهِ
|
رأَيْتَ مِنْ مرَحٍ في جدِّهِ لَعِبا
|
يَرْتاحُ لِلْجَرْيِ فِي إمْساكِهِ قَلِقاً
|
حتى كأنَّ لهُ في راحة ٍ تعبَا
|
يَطْغَى مِراحاً فَيَعْتَنُّ الصَّهِيلُ لَهُ
|
كَالْبَحْرِ جاشَ بهِ الآذِيُّ فاصْطَخَبا
|
جادَتْ يداكَ بهِ في عُرْضِ ما وَهَبَتْ
|
قَبْلَ السُّؤَالِ وأحْرِ اليَوْمِ أنْ تَهَبا
|
رفْقاً بِنا آلَ عمارٍ إذا طلَعَتْ
|
خَيْلُ السَّماحِ علَى سَرْحِ الثَّنا سُرَبا
|
لا تَبْعَثُوها جُيُوشاً يَوْمَ جُودِكُمُ
|
إنَّ الطلائعَ منْها تبْلُغُ الأَرَبا
|
قد أنْضَبَ الحمْدَ ما تَأْتِي مكارِمُكُمْ
|
ما خِلْتُ أنَّ مَعِيناً قَبْلَهُ نَضَبا
|
وَلَوْ نَظَمْتُ نُجُومَ اللَّيْلِ مُمْتَدِحاً
|
لَمْ أقْضِ مِنْ حَقِّكُمْ بعْضَ الَّذِي وَجَبا
|
لأشْكُرَنَّ زماناً كانَ حادِثُهُ
|
وَغَدْرُهُ بِي إلى مَعْرُوفِكُمْ سَبَبا
|
فكَمْ كَسا نِعْمَة ً أدْنى ملابِسِها
|
أسْنَى مِنَ النِّعْمَة ِ الأولى الَّتِي سَلَبا
|
وما ارتَشَفْتُ ثنايا العَيْشِ عندَكُمُ
|
إلا وجدْتُ بِها مِنْ جُودِكُمْ شَنَبا
|