أتُرى الهِلالَ أنارَ ضَوْءَ جَبِينهِ |
حتّى أبانَ اللَّيلُ عَنْ مَكْنُونهِ |
شَفَّ الحِجابُ بِنُورهِ حتّى رَأى |
مُتأَمِّلٌ ما خَلْفَهُ مِنْ دُونِهِ |
أوَ ما رَأَيْتَ المُلْكَ تمَّ بَهاؤُهُ |
بِضِياءِ كَوْكَبِ شَمْسِهِ ابْنِ أمِينهِ |
نُضِيَ الحُسامُ فدَلَّ رونَقُ صفْحِهِ |
وظُباهُ أنَّ المجدَ بعضُ قيُونِهِ |
يا حبَّذا الثَّمَرُ الجَنِيُّ بدوْحَة ِ الـ |
ـحَسَبِ الزَّكِيِّ وناعِماتِ غُصُونِهِ |
ما عُذْرُهُ أَلاّ يطيبَ مذاقُهُ |
طِيبَ السُّلافِ وَأنْتَ مِنْ زَرَجُونِهِ |
اليَوْمَ مَدَّ إلى المَطالِبِ باعَهُ |
مَنْ لمْ تَكُنْ خطرَتْ بليلِ ظُنُونِهِ |
حلَّ الرَّجاءُ وثاقَ كُلّ مسرّة ٍ |
كانَتْ أسِيرَة َ هَمِّهِ وشُجُونِهِ |
قدْ كانَ رجَّمَ ظنَّهُ فيكَ النَّدى |
فَجَلا ظَلامَ الشَّكِّ صُبْحُ يَقِينهِ |
أطلَعْتَ بدْراً في سَماءِ ممالِكٍ |
سَهِرَ الجَمالُ وَنامَ فِي تَلْوِينهِ |
علِقَتْ يَدُ الآمالِ يومَ ولادِهِ |
بمَريرِ حبْلِ المَكْرُماتِ متينِهِ |
بأجَلِّ موْلُودٍ لأكْرَمِ والدٍ |
سمْحٍ مُبارَكِ موْلِدٍ مَيْمُونِهِ |
صَلْتِ الجَبينِ كأنَّ دُرَّة َ تاجِهِ |
جَعَلَتْ تَرَقْرَقُ فِي مكانِ غُضونهِ |
رَبِّ الجِيادَ لربِّها يومَ الوَغى |
وَصُنِ الحُسامَ لِخِلِّهِ وَخَدِينهِ |
قَدْ باتَ يَشْتاقُ العِنانُ شِمالَهُ |
شَوْقَ اليَراعِ إلى بَنانِ يَمينهِ |
واعْقِدْ لهُ التّاجُ المُنِيف فإنَّما |
فَخْرُ المفاخِرِ عَقْدُها لِجَبِينهِ |
لغَدَوْتَ تقتادُ المُنى بزِمامِها |
وتَرُوضُ سهلَ النَّيْلِ غيرَ حَرُونِهِ |
بالعَزْمِ إذْ يُنْطِيكَ عفْوَ نجاحِهِ |
والحَزْمِ إذْ يُمْطِيكَ ظَهْرَ أمُونِهِ |
فاليَوْمَ هزَّ المَجْدُ مِنْ أعطافِهِ |
تِيهاً وَباحَ مِنَ الهَوى بِمُصونِهِ |
والآنَ ذُدْتَ عنِ العُلى وذبَبْتَ عنْ |
مَجْدٍ يَعُدُّكَ مِنْ أعَزِّ حُصُونِهِ |
واللَّيْثُ ذُو الأشبالِ أصْدَقُ مَنْعَة ً |
لِفَرِيسَة ٍ وحِمايَة ً لِعَرِينهِ |
والآنَ إذْ نشَأَ الغمامُ وصرَّحَتْ |
نَفَحاتُ جَوْنِيِّ الرِّبابِ هَتُونِهِ |
فَلْيَعْلَمِ الغَيْثُ المُجَلْجِلُ رَعْدُهُ |
أنَّ السَّماحَ مُعِينُهُ بِمَعَينِهِ |
وَلْيَأْخُذِ الجَدُّ العَلِيُّ مَكانَهُ |
مِنْ أُفُقِ مَحْرُوسِ العَلاءِ مَكِينهِ |
وليَضْرِبِ العزُّ المنيعُ رُواقَهُ |
بجنابِ ممنوعِ الجَنابِ حصِينهِ |
ولتبتَنِ العلْياءُ شُمَّ قِبابها |
بِذُرى رُباهُ أوْ سُفُوحِ مُتُونِهِ |
وليَحْظَ رَبْعُ المَكْرُماتِ بأنْ غدا |
شَرِقَ المنازِلِ آهِلاً بقطينِهِ |
ولتخْلَعِ الأفكارُ عُذْرَ جماحِها |
بِنِظامِ أبْكارِ القَرِيضِ وَعُونِهِ |
سِرْبٌ مِنَ الحَمْدِ الجَزِيلِ غَدَوْتُمُ |
مَرْعى عقائِلِهِ ومورِدَ عينِهِ |
كَمْ مِنْبَرٍ شَوْقاً إلَيْهِ قَدِ انْحَنَتْ |
أعْوادُهُ مِنْ وَجْدِهِ وحَنِينِه |
ومُطَهَّمٍ قدْ ودَّ أنَّ سَراتَهُ |
مَهْدٌ لَهُ في سيرهِ وقُطُونِهِ |
ومُخزَّمٍ ناجَتْ ضمائِرُهُ المُنى |
طَمَعاً بِقَطْعِ سُهُولِهِ وَخرُونِهِ |
ومُهَنَّدٍ قدْ وامَرَتْهُ شِفارُهُ |
بِطُلَى العَدُوِّ أمامَهُ وَشُؤُونِهِ |
ومُثَقَّفٍ قدْ كانَ قبلَ طِعانِهِ |
تَنْدَقُّ أكْعُبُهُ بِصَدْرِ طَعِينهِ |
وكأنَّ عَبْدَ اللَّهِ عَبْدِ اللَّهِ في |
حَرَكاتِ هِمَّتِهِ وَفَضْلِ سُكُونِهِ |
لَمْ تَرْضَ أنْ كُنْتَ الكَفِيلَ بِشَخْصِهِ |
حَتّى شَفَعْتَ كَفِيلَهُ بِضَمِينهِ |
نَشَر الأمِينَ وِلادُهُ فَجَنَيْتَهُ |
منْ غَرْسِهِ وجَبَلْتَهُ مِنْ طِينِهِ |
ذَاكَ الَّذِي لَوْ خَلَّدَ اللَّهُ النَّدى |
والبَأْسَ ما منِيا بيوْمِ مَنُونِهِ |
وَإذا أرَدْتُ لِقَبْرِهِ أزْكَى حَيّاً |
يُرْويهِ قُلْتُ سَقاهُ فَضْلُ دَفينِهِ |
أمّا الهناءُ فللزمانِ وأهْلِهِ |
كُلٌّ يَدِينُ مِنَ الزَّمانِ بِدِينهِ |
كالغَيْثِ جادَ فَعَمَّ أرْضَ شَرِيفِهِ |
وَدَنِيِّهِ وصَرِيحِهِ وَهَجِينهِ |
لكنَّ أهْلَ الفضْلِ أوْلاهُمْ بهِ |
مَنْ ذا أحقُّ مِنَ الصَّفا بحجُونِهِ |
عِيدٌ وَمَوْلُودٌ كأنَّ بَهاءَهُ |
زَهْرُ الرَّبيعِ ومُعْجِباتُ فُنُونِهِ |
فَتَمَلَّهُ عُمْرَ الزَّمانِ مُمَتَّعاً |
بفتى العُلى وأخِي النَّدى وَقَرينِهِ |