أيا بَيْنُ ما سُلِّطْتَ إلا علَى ظُلْمِي
|
ويا حُبُّ ما ابقيتَ منِّي سوى الوَهْمِ
|
فِراقٌ أتى في إثْرِ هجرٍ وما أذى ً
|
بأوجَعَ منْ كلمٍ أصابً على كَلْمِ
|
لقدْ كانَ لِي فِي الوجْدِ ما يُقنِعُ الضَّنى
|
وَفِي الهَجرِ ما يَغْنى بهِ البينُ عنْ غَشْمِي
|
ولكِنَّ دهراً أثخَنَتْنِي جِراحُهُ
|
إذا حَزَّ في جِلْدِي ألحَّ علَى عظْمِي
|
وإنْ كنتُ ممَّنْ لا يَذُمُّ سوى النَّوى
|
فإنَّ القِلى والصَّدَّ أجْدَرُ بالذَّمِّ
|
وما مَنْ رَمى مِنْ غيرِ عَمْدٍ فأقصدَتْ
|
نوافِذُهُ كمَنْ تَعَمَّدَ أنْ يرمِي
|
فيا قلْبُ كمْ تشقى بدانٍ ونازِحٍ
|
فشاكٍ إلى خَصْمٍ وباكٍ على رسْمِ
|
وحتّامَ أستشفِي مِنَ النّاسِ مِنْ بهِ
|
سَقامِي وأسْتَرْوي منَ الدَّمْعِ ما يُظْمِي
|
غريمي بدينِ الحبِّ هلْ أنت مُقتضى ً
|
وهلْ لفؤادٍ أتلَفَ الحُبُّ منْ غُرْمِ
|
أحِنُّ إلى سُقْمِي لعَلَّكَ عائدِي
|
ومِنْ كلفٍ أنِّي أحِنُّ إلى السُّقْمِ
|
وَبِي مِنْكَ ما يُرْدِي الجليدَ وإنَّما
|
لحبِّكَ أهوى أنْ يزيدَ وأنْ ينْمِي
|
ويا لائمي أنْ باتَ يُزْرِي بيَ الهَوى
|
عليَّ سَفاهِي لا عليكَ وَلِي حِلْمِي
|
أقلبُكَ أمْ قلبِي يُصدَّعُ بالنَّوى
|
وجِسْمُكَ يضْنى بالقَطِيعَة ِ أم جِسْمِي
|
ولا غَرْوَ أنْ أصبحْتَ غُفلاً مِنَ الهوى
|
فأنْكَرَتَْ ما بِي للصبابَة ِ من وَسْمِ
|
نُدوبٌ بِخَدِّي لِلدُّموعِ كأنَّها
|
فلولٌ بقلْبِي منْ مُقارَعَة ِ الهَمِّ
|
وعَائِبتي أنَّ الخُطوبَ برَيْنَنِي
|
ورُبَّ نَحِيفِ الجسْمِ ذُو سُؤْدَدٍ ضَخْمِ
|
رأَتْ أثَراً للنائِباتِ كما بَدا
|
مِنَ العَضْبِ ما أبقى بهِ الضَّرْبُ مِنْ ثلْم
|
فلا تُنْكِري ما أحدَثَ الدَّهْرُ إنَّما
|
نوائِبُهُ أقْرانُ كُلِّ فتى ً قرْمِ
|
ولا بُدَّ مِن وصلٍ تُسهِّلُ وعْرَهُ
|
وغى ً تنتِمِي فِيهاالسُّيوفُ إلى عَزْمِي
|
فرُبَّ مَرامٍ قدْ تعاطيْتُ وِرْدَهُ
|
فما ساغَ لِي حتّى أمرَّ لهُ طَعْمِي
|
وخَيْلٍ تمَطَّتْ بِي ولَيْلٍ كأنَّهُ
|
ترادُفُ وَفْدِ الهمِّ أو زاخِرُ اليمِّ
|
شققْتُ دُجاهُ والنُّجُومُ كأنَّها
|
قلائدُ نَظْمِي أوْ مساعِي أبي النَّجْمِ
|
إليكَ يمينَ المُلْكِ واصَلْتُ شدَّها
|
مُقلَقَلة الأعْلاقِ جائلَة َ الحُزْمِ
|
غوارِبُ أحْياناً طوالِعُ كُلَّما
|
هبطْنَ فضا سهلٍ علوْنَ مطا حزْمِ
|
تَميلُ بها الآمالُ عنْ كُلِّ مطْمَعٍ
|
دَنِيءٍ وتسْمو للطِّلابِ الَّذِي يُسْمِي
|
تَزُورُ امرَأً لا يُجتَنَى ثَمَرُ الغِنى
|
بمِثلِ نَداهُ الغَمْرِ والنّائلِ الجَمِّ
|
متى جئتَهُ والمعتَفُونَ ببابهِ
|
شَهِدْتَ بنُعمى كفِّهِ مصرَعَ العُدْمِ
|
إلى مُستبِدِّ بالفضائلِ قاسمٍ
|
لِهِمَّتهِ مِنْ نفسهِ أوفَرَ القِسْمِ
|
تُعدُّ عُلاهُ منْ مناقِبِ دهرِهِ
|
كعدِّكَ فضلَ اللَّيلِ بالقَمرِ التِّمِّ
|
وكَرَّمَهُ عنْ أنْ يُسَبَّ بمِثْلِهِ الزَّ
|
مانُ كمالٌ زَيَّنَ الجدَّ بالفَهْمِ
|
وجودٌ على العافِي وذَبٌّ عنِ العُلى
|
وصدٌّ عنِ الواشي وصفحٌ عنِ الجُرْمِ
|
ورُتْبَة ُ منْ لمْ يجعَلِ الحَظِّ وَحدَهُ
|
طريقاً إلى العالِي منَ الرُّتَبِ الشُّمِّ
|
تناوَلها استحْقاقُهُ قبلَ حَظِّهِ
|
وحامى عليها والمقادِرُ لمْ تحْمِ
|
وغيرُ بديعِ منْ بديعٍ مشيدٌ
|
لما شادَهُ والفَرْعُ يُنْمى إلى الجذْمِ
|
سقى الله عصْراً حافظَ ابنَ مُحمَّدٍ
|
بما في ثُغُورِ الغانِياتِ منَ الظَّلمِ
|
أغرُّ إذا ما الخطْبُ أعشى ظَلامُهُ
|
تبلَّجَ طلْقَ الرّأيِ في الحادِث الجهمِ
|
ترِقُّ حواشِي الدَّهْرِ في ظلِّ مجدِهِ
|
وتظْرُفُ منْهُ شيمَة ُ الزَّمَنِ الفدْمِ
|
ويكبُرُ قدْراً أنْ يُرى مُتكبِّراً
|
ويَعْظُمُ مجداً أنْ يتِيهَ معَ العُظْمِ
|
ويَكرُمُ عدْلاً أن يميلَ بهِ الهوى
|
ويَشْرُفُ نَفْساً أنْ يلَذَّ معَ الإثْمِ
|
ويُورِدُ عنْ فضلٍ عن نُهى ً
|
ويَصْمُتُ عنْ حِلْمٍ ويَنْطِقُ عنْ علْمِ
|
بدِيهة ُ رأيٍ في رويَّة ِ سُؤْدَدٍ
|
وإقدامُ عَزْمٍ في تأيُّدِ ذِي حزْمِ
|
خلائِقُ إنْ تَحوِ الثَّناءِ بأسرهِ
|
فما الفخرُ إلاّ نُهبَة ُ الشَّرَفِ الفَخْم
|
أبَرُّ على الأقوامِ مِنْ شَيْبَة ِ الحَيا
|
وأشهَرُ فِي الأيّامِ مِنْ شَيْبَة ِ الدُّهْمِ
|
أضاءَتْ بكَ الأوقاتُ والشَّمْسُ لمْ تُنِرْ
|
ورُوِّضَتِ الساحاتُ والغَيْثُ لمْ يهْمِ
|
وَشِدَّتْ أواخِي المُلكِ مِنكَ بأوْحَدٍ
|
بعيدِ عُرى العَقْدِ الوكيدِ مِنَ الفَصْمِ
|
فتًى لا تِصافِي طرْفَهُ لذَّة ُ الكرَى
|
ولا تَطَّبِي أجفانَهُ خُدَعُ الحُلْمِ
|
يُسَهِّدُهُ تشيِيدُهُ المَجْدَ والعُلى
|
وتَفْرِيجُ غَمّاءِ الحوادِثِ والغَمِّ
|
وغيرُ النَّجُومِ الزُّهْرِ يأْلَفُها الكَرى
|
ويعْدَمُها الإشراقُ في الظُّلَمِ العُتْمِ
|
لقدْ شرَّفَ الأقلامَ مَسُّ أنامِلٍ
|
بكَفِّكَ لا تخْلُو مِنَ الجُودِ واللَّثْمِ
|
فكُلُّ نُحولٍ فِي الظُّبى حسَدٌ لَها
|
وكُلُّ ذُبُولٍ غيرَة ٌ بِالقَنا الصُّمِّ
|
وكنتَ إذا طالَبْتَ أمراً مُمنَّعاً
|
أفْدْتَ بِها ما يُعْجِزُ الحَرْبَ فِي السِّلْمِ
|
كفَيْتَ الحُسامَ الغَضْبَ فَلَّ غِرارهِ
|
وآمَنْتَ صَدْرَ السَّمْهرِيِّ مِنَ الحَطْمِ
|
وجاراكَ مَنْ لا فضْلَ يُنْجِدُ سعْيَهُ
|
وأيُّ کمْرِىء ٍ يبغِي النِّضالَ بِلا سَهْمِ
|
لكَ الذِّرْوَة ُ العَلْياءُ مِنْ كُلِّ مَفْخَرٍ
|
سَنِيٍّ ومَا لِلحاسدينَ سِوى الرُّغْمِ
|
وكيفَ يُرَجِّي نَيْلَ مَجْدِكَ طالِبٌ
|
وبينَهُما ما بينَ عرضِكَ والوَصْمِ
|
لئِنْ أوْحَدَتْنِي النّائباتُ فإنَّنِي
|
لِمَنْ سَيبْكِ الفَيّاضِ في عَسْكرٍ دَهْمِ
|
وإنْ لمْ أفِدْ غُنْماً فَقُرْبُكَ كافِلٌ
|
بأضعافهِ حَسْبي لِقاؤُكَ مِنْ غُنْمِ
|
هجرْتُ إليكَ والعالمينَ محبّة ً
|
وَمِثلُكَ مَنْ يُبْتاعُ بالعُرْبِ والعُجْمِ
|
وما قَلَّ مَنْ تَرْتاحُ مَدْحِي صِفاتُهُ
|
ولكِنْ رأيتُ الدُّرَّ أليَقَ بالنَّظْمِ
|
أرى نيلَ أقوامٍ وآبى امتِنانهمْ
|
وليْسَ تَفِي لي لذَّة ُ الشُّهْدِ بالسُّمِّ
|
فهلْ لكَ أنْ تنتاشَنِي بصَنِيعَة ٍ
|
يلينُ بها عُودُ الزَّمانِ على عُجِمِي
|
تَحُلُّ محلَّ الماءَ عِندي مِن الثَّرى
|
وأشْكُرُها شُكْرا الرياضِ يدا الوَسْمِي
|
أقَرَّ ذَوُو الآدابِ طُراً لِمَنطِقي
|
وغيرُهُمُ فيما حكى كاذِبُ الزَّعْمِ
|
فلسْتُ بمحتاج على ما ادَعيتُهُ
|
إلى شاهِدٍ بعدَ اعتِرافٍ مِنَ الخَصْمِ
|
تُطِيعُ القوافِي الآبِياتُ قرائِحي
|
وينزِلُ فيهنَّ الكلامُ عَلى حُكْمِي
|
وسيّارَة ٍ بكْرٍ قصَرْتُ عِنانَها
|
فطالَتْ بهِ والخَيْلُ تمرَحُ فِي اللُّجمِ
|
نَمى ذِكرُها قبلَ اللِّقاءِ وإنَّما
|
يسُرُّكَ بوحِي بالمحامِدِ لاكتْمِي
|
كمخْتومة ِ الدّارِيِّ نَمَّ بِفَضْلِها
|
إليكَ شَذاها قبلَ فَضِّكَ لِلْخَتْمِ
|
حَدِيثَة ُ عَصرٍ كُلَّما امْتدَّ دَهْرُها
|
سَما فخرُها حتّى تطولَ على القُدْمِ
|
وما فَضلُ بِنتِ الكرْمِ يوْماً بِبيِّنٍ
|
إذا لمْ يطُلْ عهْدُ کبْنة ِ الكرْمِ بالكَرْمِ
|