هِيَ الدِّيارُ فعُجْ في رسْمِها العارِي |
إنْ كانَ يُغْنِيكَ تَعْرِيجٌ على دارِ |
إنْ يخلُ طرفُكَ منْ سُكانِها فبِها |
ما يملأُ القلبَ منْ شوقٍ وتذكارِ |
يا عمرُو ما وقْفة ٌ فِي رسمِ مَنزِلَة ٍ |
أثارَ شوقَكَ فِيها مَحْوُ آثارِ |
أنكرْتَ فِيها الهوى ثُمَّ اعتْرفْتَ بهِ |
وما اعترافُك إلا دمعُكَ الجارِي |
تشجُو الديارُ وما يشْجُو أخا كمدٍ |
من الهوى مثلُ دارٍ ذات إقفارِ |
يا حبذا منزِلٌ بالسفحِ منْ إضمٍ |
ودمنة ٌ بلوى خبتِ وتعشارِ |
ويا حبذا أصلٌ يُمسي يُجَرُّ بِها |
ذَيلُ النَّسيمِ على مَيْثاءِ مِعطارِ |
لوْ كُنتُ ناسِيَ عهْدٍ من تَقادُمهِ |
نَسيتُ فيها لُباناتي وأوْطارِي |
أيامَ يفتِكُ فيها غيرَ مُرتقَبٍ |
ظبْيُ الكِناسِ بليثِ الغابة ِ الضارِي |
يصبُو إليَّ ويُصْبِي كلَّ منفردٍ |
بالدَّلِّ والحُسنِ مِنْ بادٍ ومِنْ قارِ |
لا أُرسِلُ اللَّحْظَ إلاّ كانَ موْقِعُهُ |
على شُمُوسٍ مُنِيراتٍ وأقمارِ |
ما أطْيَبَ العَيْشِ لَوْ أنِّي وَفَدْتُ بهِ |
على شبابٍ ودهْرٍ غيرِ غدارِ |
الآنَ قدْ هجرتْ نفسي غوايتَها |
وحانَ بعدَ حلُولِ الشيبِ إقصارِي |
والعَيْشُ ما صحِبَ الفِتيانُ دهرَهُمُ |
مُقَسَّمٌ بينَ إحلاءٍ وإمرارِ |
يا مَنْ بمُجْتَمَعِ الشَّطَّيْنِ إنْ عَصفَتْ |
بكمْ رياحي فقد قدَّمتُ إعذارِي |
لا تُنكرُنَّ رحيلِي عنْ ديارِكُمُ |
ليسَ الكرِيمُ على ضَيمٍ بِصَبّارِ |
يأْبى ليَ الضيمَ فُرسانُ الخلاج وما |
حَبَّرتُ مِنْ غُرَرٍ تُهدى وأشعارِ |
وقدْ غدَوْتُ بِعِزِّ الدِّينِ مُعْتَصِماً |
إنَّ الكِرامَ علَى الأيّامِ أنصارِي |
مَلْكٌ إذا ذُكِرَتْ يوماً مواهِبُهُ |
أثْرى الرجاءُ بها منْ بعدِ إقتارِ |
يُعطيكَ جُوداً على الإقلالِ تحسَبُهُ |
وافاكَ عنْ نشبٍ جمٍّ وإكثارِ |
ريانُ منْ كرَمٍ ملآنُ منْ هممٍ |
كأنَّهُ السَّيفُ بينَ الماءِ والنّارِ |
ليسَ الجوادُ جَواداً ما جرى مثَلٌ |
حتى يكونَ كحَسّانِ بنِ مسمارِ |
الواهِبُ الخَيلَ إمّا جِئتَ زائِرَهُ |
أقَلَّ سَرْجَكَ مِنْها كُلُّ طيّارِ |
الطاعِنُ الطعنة َ الفوْهاءَ جائشة ً |
ترُدُّ طاعِنَها عَنها بتيّارِ |
يكادُ ينفُذُ فيها حينَ يُنْفِذُها |
لولا عُبابُ دمٍ مِن فوْرِها جارِ |
تلقى السِّنانَ بِها والسَّردَ تحسِبُهُ |
ما ضَلَّ منْ فُتُلٍ فيها ومِسبارِ |
في كفّه سيفُ مسمارَ الذي شقيتْ |
هامُ المُلوكِ بهِ أيامَ سنْجارِ |
لا يأْمُلُ الرزْقَ إلا مِنْ مضارِبِهِ |
فرْسُ الهُمامِ بأنيابٍ وأظفارِ |
نِعمَ المُناخُ لِشُعْثٍ فوْتِ مهلَكَة ٍ |
ارماقِ مسغَبَة ٍ أنْضاءِ أسْفارِ |
لا يشتَكُونَ لديهِ المحْلَ في سنَة ٍ |
يشكو بها السَّغَبَ المَقْرِيُّ والقارِي |
سحابُ جُودٍ على الرّاجينَ مُنْهَمَلٍ |
وبَحْرُ جُودٍ علَى العافِينَ زَخّارِ |
إذا ترَحَّلَ عنْ دارٍ أقامَ لهُ |
من الصنائِعِ فيها خيرَ آثارِ |
كالغيثِ أقلعَ محموداً وخلَّفَ ما |
يُرضِيكَ مِن زهَرٍ غَضٍّ ونُوّارِ |
تبقى الذَّخائرُ مِنْ فضلاتِ نائلهِ |
كأنَّها غُدْرٌ مِنْ بعدِ أمطارِ |
مِظفَّرُ العَزمِ ما تألُوا مُوفَّقَة ً |
آراؤُهُ بينَ إيرادٍ وإصدارِ |
سامٍ إلى الشرفِ الممنوعِ جانِبُهُ |
نامٍ إلى الحسَبِ العارِي منَ العارِ |
مخوَّلٌ في جنابٍ بيتَ مملكة ٍ |
عزُّوا بهِ وأذلُّوا كلَّ جبارٍ |
أيامَ كلْبٌ لها ما بينَ جوسيَة ٍ |
وبَيْنَ غَزَّة َ مِنْ رِيفٍ وأمصارِ |
يَقُودُها مِنْ سنانٍ عزْمُ مُتَّقِدٍ |
أمامَها كسِنانِ الصَّعْدَة ِ الوارِي |
ترمِي بأعْيُنِها في كُلِّ داجِيَة ٍ |
مِنهُ إلى كوْكَبٍ بالسَّعدِ سيّارٍ |
يبيتُ كُلُّ ثَقِيلِ الرُّمْحِ حامِلُهُ |
فِي سَرْجِ كلِّ خفيفِ اللِّبْدِ مِغْوارِ |
مجدٌ تأَثَّلَ في نجدٍ أوائلُهُ |
وشيدَ بالشّامِ منْهُ الطارِفُ الطّارِي |
يا بن الكرام الأُلى مازال مجدهم |
مُغْرى ً بقلَّة ِ أشْباهٍ وأنْظارِ |
المانعينَ غداة َ الخوفِ جارُهُمُ |
والحافظين بغيْبٍ حُرْمَة َ الجارِ |
بيضُ العوارِفِ أغْمارٌ إذا وَهَبُوا |
جُوداً وليسُوا إذا عُدُّوا بأغْمارِ |
لا يصحَبُ الدهرَ منهُمْ طُولَ ما ذُكِرُوا |
إلاّ الثَّناءُ وإلاّ طِيبُ أخْبارِ |
إنَّ العشائِرَ مِنْ أحياءِ ذِي يَمَنٍ |
لمّا بغَوْكَ جرَوْا في غيرِ مضمارِ |
أصْحَرْتَ إذْ مدَّ بالمِدّانِ سيلُهُمُ |
والليثُ لا يُتَّقى مِنْ غيرِ إصحارِ |
سالُوا فأغرَقَهُمْ قطْرٌ نضَحْتَ بهِ |
ما كُلُّ سيلٍ على خيلٍ بجرّارِ |
مالُوا فقوَّمَ مِنْهُمْ كلَّ مُنأطِرٍ |
طعنٌ يُعدِّلُ منهُمْ كلَّ جوّارِ |
حتى إذا نهتِ الأولى فما انتفَعُوا |
بِالنَّهْي، والبغيُ فِيهمْ شرُّ أمّارِ |
أبحْتَها وحَمَيْتَ الشامَ معتقِداً |
أنْ ليسَ ينفعُ إلاّ كُلُّ ضَرّارِ |
قدْ نابَكَ الدَّهْرُ أزْماناً بِغيرِهِمِ |
فظلَّ يغْمِزُ عُوداً غيرَ خوّارِ |
وكمْ أبتَّ على ثأرٍ ذَوِي ضَغَنٍ |
ولمْ تَبِتْ قطُّ منْ قومٍ على ثارِ |
إن زُرْتُ دارَكَ عنْ شَوقٍ فمجْدُكَ بِي |
أولى وما كُلُّ مُشتاقٍ بِزَوّارِ |
ليسَ المُطيقُونَ حِجَّ البيتِ ما تركُوا |
فريضَة َ الحجِّ عنْ زُهْدٍ بأبْرارِ |
وقدْ أتيتُكَ اسْتعدِي على زمنٍ |
لا يَشْرَبُ الحُرُّ فيهِ غيرَ أكدارِ |
موكَّلُ الجَوْرِ بالأحرارِ يقصِدُهُمْ |
كأنَّهُ عندهُمْ طَلاّبُ أوْتارِ |
والحمدُ أنْفَسُ مذخُورٍ تفوزُ بهِ |
فخُذْ بحظَّكَ مِنْ عُونِي وأبكارِي |
من القوافِي التي ما زِلْتُ أودِعُها |
عُلالَة َ الرَّكْبِ مِنْ غادٍ وَمِنْ سارِ |
إنَّ السَّماحَة َ أولاها وآخرَها |
في كَفِّ كلِّ يمانٍ يا بْنَ مسمارِ |
لا تسْقني بِسِوى جَدْوَى يدَيْكَ فما |
يروِي منَ السُّحْبِ إلا كُلُّ مدرارِ |
ولستُ أوَّلَ راجِ قادَهُ أمَلٌ |
قدْ راحَ منكَ على شقْراءِ محضارِ |