نشدتُكَ لا تُعْدِمِ الرّاحَ راحا |
ولا تمْنعَنَّ الصَّبُوحَ الصَّباحا |
فقدْ أصبَحَ الغيثُ يكْسُو الجَمالَ |
وُجوهاً مِنَ الأرْضِ كانَتْ قِباحا |
يُعيدُ إلى العودِ إيراقَهُ |
ويهتَزُّهُ بالنَّسِيمِ ارتِياحا |
بكى رحْمَة ً لِجُدُوبِ البلادِ |
وَحَنَّ اشْتِياقاً إليها فَساحا |
وسَحَّ كما غَلَب المُسْتَها |
مَ وجْدٌ فأجْرى دموعاً وَباحا |
كأنَّ الغيُومَ جيُوشٌ تسُومُ |
مِنَ العدلِ في كلِّ أرضٍ صَلاحا |
إذا قاتَلَ المَحْلَ فِيها الغَمامُ |
بِصَوْبِ الرِّهامِ أجادَ الكِفاحا |
فَوافاهُ يَحْمِلُ مِنْ طَلِّهِ |
ومنْ وبلِهِ للقاءِ السِّلاحا |
يقرطِسُ بالطَّلِّ فيهِ السِّهامَ |
ويُشْرِعُ بالوبْلِ فيهِ الرِّماحا |
وسَلَّ عَلَيْهِ سُيوفَ البُروقِ |
فأَثْخَنَ بالضّرْبِ فيهِ الجراحا |
ترى ألسُنَ النَّوْرِ تُثْنِي عليهِ |
فتعجَبُ منهُنَّ خُرْساً فِصاحا |
كأنَّ الرياضَ عَذارى جلونَ |
عليكَ ملابسهُنَّ المِلاحا |
وقَدْ غادَرَ القَطْرُ مِنْ فَيْضِه |
غَدِيراً هُوَ السَّيلُ حَلَّ البِطاحا |
إذا صافَحَتْهُ هوافِي الرِّياحِ |
تموَّجَ كالطِّرْفِ رامَ الجِماحا |
ودِيكاً ترى الصُّفْرَ جِسْماً لهُ |
وَمِنْ فِضَّة ٍ رِيشَهُ والجَناحا |
إذا الماءُ راسَلَهُ بالخَرِيـ |
ـرِ أحْسَنَ تَغْرِيدَهُ وَالصِّياحا |
لهُ شيمتانِ منَ المكْرُماتِ |
يُريكَ الوقارَ بها والمِراحا |
إذا همَّ منْ طربٍ أنْ يطيـ |
ـرَ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْ حَياءٍ بَراحا |
إذا ما تَغَنّى أغارَ الحَمامَ فَرَ |
فرجَّعَ ألحانَهُ ثمَّ ناحا |
غَداة ٌ غدا اليومُ فيها صَريحاً |
وأضْحى الغَمامُ لديها صُراحا |
كأنَّ حَياها يُجارِي الأمِيرَ |
ليُشْبِهَ معروفَهُ والسَّماحا |
وكيفَ يُشاكِلُ مَنْ لا يُغِـ |
ـبُّ مجداً مصُوناً ومالاً مُباحا |
أعَمَّ نوالاً منَ البحرِ فاضَ |
وأطْيَبَ نشراً منَ المسكِ فاحا |
فدُونَكَ فاشْرَبْ كُؤُوساً تُصِيبُ |
مِزاجاً لهنَّ السُّرورَ القَراحا |
إذا ما جَلونا عَرُوسَ المُدامِ |
أجالَ الحَبابُ عَلَيْها وِشاحا |
وقدْ فسَحَ الوصْلَ للعاشِقِين |
فصادَفَ منهُمْ صُدوراً فِساحا |
إذا كَرُمَ الدَّهْرُ فِي عَصْرِنا |
فَكيفَ نَكُونَ عَلَيْهِ شِحاحا |