لوْ كنتَ شاهِدَ عبْرَتِي يومَ النَّقا
|
لمنعتَ قلبَكَ بعدَها أنْ يعشَقا
|
ولَكُنْتَ أوَّلَ نازِعٍ مِنْ خُطَّتِي
|
يَدَهُ ولَوْ كُنْتَ المُحِبَّ المُشْفِقَا
|
وعذَرْتَ في أنْ لا اُطِيقَ تجلُّداً
|
وعجِبْتَ منْ أنْ لا أَذُوبَ تحرُّقا
|
ناشَدْتُ حادِيَ نُوقِهِمْ في مُدْنَفٍ
|
أبكى الحُداة َ بُكاؤُهُ والأيْنُقا
|
وَمَنَحْتُهُمْ جَفْناً إذا نَهْنَهْتُهُ
|
رَقأتْ جُفونُ الثّاكِلاتِ وَما رَقا
|
يا عَمرُو أيُّ عَظِيمِ خَطْبٍ لَمْ يكُنْ
|
خطْبُ الفراقِ أشدَّ منهُ وأوبقَا
|
كِلْنِي إلى عُنْفِ الصدودِ فرُِبما
|
كان الصدودُ منَ النوى بي أرْفَقا
|
قَدْ سالَ حتّى قَدْ أسالَ سَوادَهُ
|
طرْفِي فخالطَ دمْعَهُ المُتَرَقْرِقا
|
واستَبْقِ للأطلالِ فضلَة َ أدْمُعِ
|
أفنيتهُنَّ قطيعَة ً وتفرُّقا
|
أوْ فاستمحْ لي منْ خليٍّ سلْوة ً
|
إنْ كانَ ذُو الإثْراءِ يُسْعِفُ مُمْلِقا
|
إنَّ الظِّباءَ غداة َ رامَة َ لمْ تَدَعْ
|
إلاّ حَشى ً قَلِقاً وقَلْباً شَيِّقا
|
سنحَتْ فما منحتْ وكمْ منْ عارِضٍ
|
قَدْ مَرَّ مُجْتازاً عَلَيْكَ وَما سَقا
|
غِيدٌ نصَبْتُ لصَيْدِهِنَّ حبائِلا
|
يَعْلَقْنَهُنَّ فكُنْتُ فِيها أعْلَقا
|
ولَكَمْ نَهَيْتُ اللَّيْثَ أغلَبَ باسِلاً
|
عَنْ أنْ يَرُودَ الظَّبْيَ أتْلَعَ أرْشَقا
|
فإذا القضاءُ على المَضاءِ مُرَكَّبٌ
|
وإذا الشَّقاءُ مُوَكَّلٌ بأخي الشَّقا
|
ولقدْ سريتُ إذا السماءُ تخالُها
|
بُرداً براكِدة ِ النجومِ مُشَبْرقا
|
واللَّيلُ مِثْلُ السَّيلِ لوْلاَ لُجَّة ٌ
|
تغْشى الرُّبى بِأعَمَّ منْهُ وأعْمقا
|
وَمُشَمِّرينَ تَدَرَّعُوا ثَوْبَ الدُّجى
|
فأجَدَّ لُبْسَهُمُ الزَّماعُ وأخْلَقا
|
عاطيتُهُمْ كأْسَ السُّرى في ليلة ٍ
|
أمِنَ الظَّلامُ بِفَجْرِها أنْ يُشْرِقا
|
حتى إذا حسَرَ الصَّباحُ كأنَّهُ
|
وَجْهُ الوَجِيهِ تَبَلُّجاً وَتألُّقا
|
حطُّوا رحالَ العِيسَ منهُ بخيرِ منْ
|
هزُّوا إليهِ رقابَها والأَسْؤُقا
|
بأغَرَّ يَجْلو لِلْوُفودِ جَبِينُهُ
|
شمْساً تكُونُ لهَا المعالِي مُشرِقا
|
نزَلُوا فما وصلُوهُ مهجُوراً وَلا
|
فَتَحُوا إلى نُعْماهُ باباً مُغْلَقا
|
إنْ زُرْتَهُ فَتَوَقَّ فيض بَنانهِ
|
إنَّ البِحارَ ملية ٌ إن تُغْرِقا
|
وإذا أبُو الذَّوّادِ حاطَكَ ذائِداً
|
فقدْ أخذتَ منَ الليالِي موثِقا
|
يشتدُّ ممنُوعاً ويُكْرِمُ قادِراً
|
ويطُولُ محقُوقاً ويصفَحُ مُحْنقاً
|
لوْ أنَّ منْ يروِي حديثَ سماحِهِ
|
يرويهِ عنْ صوبِ الحيا ما صُدِّقا
|
صحِبَ الزَّمانَ وكانَ يَبْساً ذاوِياً
|
فسقَاهُ بالمَعرُوفِ حتّى أوْرقا
|
لا تذكُرَنَّ لَهُ المكارِمَ والعُلى
|
فتهِيجَ صبّاً أوْ تَشُوقَ مُشَوَّقا
|
عَشِقَ المحامِدَ وهْيَ عاشِقَة ٌ لَهُ
|
وكَذاكَ ما بَرِحَ الجَمالُ مُعَشَّقا
|
يجْرِي على سننِ المكارمِ فِعْلُهُ
|
خُلُقاً إذا كانَ الفَعالُ تخَلُّقا
|
لا يَمْنَحُ الإحسانَ إلاّ شامِلاً
|
خَيرُ الحَيا ما عَمَّ مِنْهُ وَطَبَّقا
|
كتَمَ الصنائعَ فاستشاعَ ثناؤُها
|
مَنْ ذَا يَصُدُّ الصُّبحَ عَنْ أنْ يُشْرِقا
|
قد حالَفَ العزْمَ الحميدَ فلمْ يخَفْ
|
خطْباً يُحاوِلُ فتْقَهُ أنْ يَرْتُقا
|
ورَمى إلى الغَرَضِ البَعِيدِ فَلَمْ يَبِتْ
|
أبداً بغيرِ المكْرُماتِ مؤَرَّقا
|
سامِي المَرامِ شريفُهُ إن تَدْعُهُ
|
لا تدْعُهُ للخطْبِ إلا مُقْلقا
|
إنْ جادَ فِي بِشْرٍ تُوُهِّم عارِضاً
|
أوْ حلَّ في نفرٍ تراءوا فيلَقا
|
تلقاهُ في هيجاءِ كلِّ مُلمة ٍ
|
بَطَلاً إذا شَهِدَ الكَرِيهَة َ حَقَّقا
|
كالمشرفِيِّ العضْبِ إلا أنَّهُ
|
أمضى شباً منهُ وأبهرُ رونَقا
|
جارى عِنانَ الفَضلِ في أمَدِ العُلى
|
أدْنى وأقْرَبُ شَأوِهِ أنْ يَسْبُقا
|
لا يُدْرِكُ الجارُونَ غايَة َ مَجْدهِ
|
مَنْ يَسْتَطِيعُ إلى السَّماءِ تَسَلُّقا
|
هيهاتَ يمنَعُ ذاكَ حقٌّ أخْلَقٌ
|
لا يُحْسِنُ العَيّوقَ فيه تحلُّقا
|
وَمِنَ التَّأخُّرِ أنْ يُقَدِّمَ وَاطِىء ٌ
|
قدماً على دحْضٍ أزلَّ وأزْلَقا
|
ما كلُّ مَنقبة ٍ يُحاولُ نيلُها
|
تُحوى ولا كلُّ المنازلِ تُرتَقا
|
يَا سَيِّدَ الرُّؤَساءِ أيُّ مُطاوِلٍ
|
أنْ يَستَطِيعَ بِكَ اللَّحاقَ فَيَلْحَقا
|
ماذا يُحاوِلُهُ المُغامِرُ بعدَما
|
وجَدَ المجالَ إلى قِراعِك ضَيِّقا
|
إنَّ الرياسَة َ لا تليقُ بغيرِ منْ
|
مُذْ كانَ كانَ بثديها متمطِّقا
|
بِغَنائِها مُتَكَفِّلاً وبِفَضْلِها
|
متوَحِّداً وبمُلْكِها مُتحقِّقا
|
كمْ فيكَ مُجْتَمِعاً منَ الحسناتِ ما
|
يُعْيِي ويُعْجِزُ فِي الوَرى مُتَفَرِّقا
|
وَلَبَّيْتِكَ الفَخْرُ الَّذِي لَوْ أنَّهُ
|
سامى السِّماكَ لكانَ منهُ أسْمَقا
|
منْ كانَ يفخَرُ أنَّهُ منْ أسرة ٍ
|
كرُمَتْ وَيَضْرِبُ فِي الكِرامِ مُعْرِقا
|
فَلْيأتِنا بِأبٍ كَمِثلِ أبِيكَ فِي الـ
|
ـعَلْياءِ أوْ جَدٍّ كَجَدِّكَ فِي التُّقا
|
أمّا دِمَشْقُ فَقَدْ حَوَتْ بِكَ عِزَّة ً
|
كَرُمَتْ بِها عَنْ أنْ تَكونَ الأبْلَقا
|
حصَّنْتها بسدادِ رأيكَ ضارِباً
|
سُوراً عليها منْ عُلاك وخندقا
|
وَحَمَيْتَ حَوْزَتَها بِهِمَّة ِ أوْحَدٍ
|
ما زالَ مَيْمُونَ الفَعالِ مُوَفَّقا
|
أمْطَرْتَها منْ فيضِ عدلِكَ أنعُماً
|
لا تُعْدِمُ الرُّوادَ رَوْضاً مُونِقا
|
إنْ أظْلَمَتْ كُنْتَ الضَّحاءَ المُجْتَلَى
|
أوْ أجْدَبَتْ كُنْتَ الرَّبِيعَ المُغْدِقا
|
وأنا الَّذِي أضحى أسيِرَ عَوارِفٍ
|
لكَ لا يودُّ أسيرُها أنْ يُطلَقا
|
أوْفى وأشرَفُ ما يُؤَمِّلُ آمِلٌ
|
أن لا يُرى منْ رِقِّ جُودِكَ مُعتَقا
|
أجْمَمْتُ جُودَكَ فکسْتَفاضَ سَماحَة ً
|
وإذا حبَسْتَ السيلَ زادَ تدَفُّقا
|
وَحَمَيْتُ آمالِي سِواكَ وعَاطِلٌ
|
منْ كانَ مِنْ مَنِّ اللئامِ مُطوَّقا
|
لمْ يُبْقِ سيبُ نداكَ موضِعَ نائلٍ
|
فهقَ الغديرُ وحقُّهُ أنْ يفهقا
|
ولئنْ مننتَ فواجِبٌ لكَ في الندى
|
إمّا نزعْتَ بسهمهِ أنْ يُغْرِقا
|
أُثْنِي عليكَ بحقِّ حمدِكَ صادِقاً
|
حسْبُ المعالِي أنْ تَقُولَ فتَصْدُقا
|
وَلَكَمْ يدٍ لَكَ لا يُؤَدّى حَقُّها
|
ما خَبَّ رَكْبٌ بِالفِجاجِ وأعْنَقا
|
أعْيَتْ ثَنايَ وَأوْجَبَتْ شُكْرِي لِسا
|
لفِها فأفحمَنِي نداكَ وأنطقا
|
خُذْها كَما حَيّاكَ نَوْرُ خَمِيلَة ٍ
|
خَطَرَ النَّسِيمُ بهِ ضُحى ً فَتَفَتَّقا
|
تأبى على الكِتمانِ غيرَ تضوُّعِ
|
مَنْ ذَا يَصُدُّ المِسْكَ عَنْ أنْ يَعْبَقا
|
عَذْراءُ لا تَجلُو الثَّناءَ عَلَيْكَ إطْـ
|
ـرَاءً وَلاَ تَصِفُ الَولاءَ تَمَلُّقا
|
تُحْيي حبيباً والوليدَ وتجتَبِي
|
لخلودِ فخرِكَ أخطلاً وفرزْدقَا
|
وكأنَّ تغريدَ الغريضِ مُرجَّعاً
|
فيها وعانِيَّ الرحيقِ مُعتَّقا
|
وكأنَّ أيامَ الصبابَة ِ رِقَّة ً
|
فِيها وَمُفْتَرَق النَّوى والمُلْتَقا
|
وقَدِ استَشادَ لَكَ الثَّناءَ فَما ترى
|
إلاّ بليغاً بامتداحِكَ مُفْلِقا
|
فَمَتَى تَغَنَّى الرَّكْبُ يَوْماً أوْ حَدا
|
لمْ يعْدُ مدْحَكَ مُشْئِماً أوْ مُعْرِقا
|
والدُّرُّ يَشْرُفُ قيمَة ً ويزيدُهُ
|
شرفاً إذا ما كانَ دُرّاً مُنْتَقا
|
مَنْ باتَ يسأَلُ رَبَّهُ أُمْنِيَّة ً
|
فالله أسْألُ أنْ يُطِيلَ لكَ البَقا
|