رَأى الحُسْنَ في العُشَّاقِ مُمْتَثَلَ الأَمْرِ
|
فَجَارَ وَنَابَتْ عَنْهُ عَيْنَاهُ في الغَدْرِ
|
وَقَالَ خُذِ الهَجْرَ المُبرِّحَ بالحَشَا
|
فقلتُ خُذ الصَّبرَ المُبرِّحَ بالهجرِ
|
وَلِي فِيكَ بَيْنَ القُرْبِ والبُعْدِ مَشْهدٌ
|
يريني صدقَ الهجرِ في كذبِ السِّرِّ
|
أمثلُ ما أختارُ منكَ بخاطري
|
فيمنحني وصلاً وإنْ كُنتَ لا تدري
|
أَأَحْبَابَنَا بِنْتُمْ وَخَلَّفْتُمُ الهَوَى
|
يُملل حَرَّ الشَّوْقِ مِنَّا على الجَمْرِ
|
هلّم إلى العهدِ القديمِ نُجِدُّهُ
|
وننشي به ميتَ الهَوَى طيب النَّشرِ
|
فنحنُ قبلناكُم على كُلّ حَالة ِ
|
أَحبَّاءَ لا نَسْلوكُمْ آخِرَ الدَّهْرِ
|
وَنَحْنُ فَعَلْنَا ما يَليقُ مِنَ الوَفَا
|
فَلا تفعلوا ما لا يليقُ من الغَدْرِ
|
وإنا وإن أغرى بنا الحُسنُ عَامداً
|
نؤمِّلُ أن يُجري بنا اليُسرُ ما يُجري
|
أُسائِلُكُمْ هَلْ رَوَّضَ الشِّعْبُ بَعْدَنَا
|
وهل سحَّ في ساحاتِهِ وابلُ القطرِ
|
وهل سنحتْ فيه جآذرُهُ التي
|
تُعوِّضُ بالألباب مرعى ً عن الزَّهرِ
|
كَوَاكِبُ قَالَ النَّاسُ هُنَّ كَواعِبٌ
|
تقلدنَ بالأحداقِ منَّا وبالدُّرِّ
|
نَحرْنَ جُفُونِي بالدُّمُوعِ وإنَّما
|
سَلَبْنَ عُقُودَ الدُّرِّ مِنْ ذَلِكَ النَّحْرِ
|
رَعَى الله نَفساً كم أُكَلِّفُها الهَوَى
|
وأَجْنِي بِهَا حُلْوَ الأُمُورِ مِنَ المُرِّ
|
وأَلْقَى صُرُوفَ الدَّهْرِ مُسْتَقبِلاً لَها
|
فَلَسْتَ تَرَى تأْثيرَها في سِوَى صَدْرِي
|
وقد شاب فودي قبل أن ينقضي لهُ
|
سِوَى الخَمْسِ والعِشْرِينَ مِنْ مُدَّة ِ العُمْرِ
|
أحبُّ ورودَ الماءِ يُخرسُ بالظُّبى
|
وأهوى ازديارِ الحيِّ يُمنعُ بالسُّمرِ
|
ولي بابن عبد الظَّاهرِ الهمَّة ُ التي
|
أَجَادَ بِهَا جَدِيِّ وأَعْلَى بِهَا قَدْرِي
|
هُو البرُّ إلا أنَّهُ إتن قصدتهُ
|
تيقَّنتَ أنَّ البحرَ مِنْ ذلكَ البرِّ
|
يُقَاسِمني قَلْبِي إلَيْهِ اشتِيَاقُهُ
|
فَيَرْجَحُ شَطْرَ الشَّوْقِ مِنْهُ عَلَى الشَّطْرِ
|