نادِ امرءاً غُيِّبَ خلفَ النَّقا
|
فكم فتى ً ناديتَه ما وعَى
|
وقُلْ لمن ليس يرى قائلاً:
|
بأيِّ عهدٍ دبّ فيك البلى ؟
|
وكيف دُلّيتَ إلى حفرة ٍ
|
يمحوك محو الطِّرس فيها الثرى
|
كذي ضَنى ً مُلقى ً، وليتَ الذي
|
سِيطَ به جسمُك كانَ الضَّنَى
|
أرَّقَني فقدُك من راحلٍ
|
واستلّ من عينيَّ طعمَ الكرى
|
وبِنتَ لا عن مللٍ من يدي
|
وغبتَ عن عينيَّ لا عن قِلى
|
فكيفَ ولَّيتَ وخلَّفتني
|
أكرع من بعدكَ كأسَ الأسى
|
كأنَّني سارٍ عل قفرة ٍ
|
مسلوبة ٍ أعلامُها والصّوى
|
أو منخفضٍ من كلّ أزواده
|
يحرقه القيظ بنار الصَّدى
|
وصاحبٍ لي صبَّا به
|
ودورُهُم في النائبات الحِمَى
|
تمَّ ولما لم يجد منتهى
|
غافصني فيه طروقَ الرَّدى
|
خُولسْتُه مُحتظِراً رابعاً
|
كالنَّجم ولَّى أو كغصنٍ ذَوى
|
بأساً وعزاً في محلِّ السُّها
|
وفي فؤادي منه نارُ القِرى
|
وإنْ تقلَّبتُ على مَضْجعي
|
كان لجنبي فيه جمرُ الغَضا
|
وكان في العينين لي قرّة ً
|
فصار مَيْتاً لجفوني قَذَى
|
قد قلتُ للمُسلين عن حزنِه
|
ما أنا طَوعاً لعذولٍ سَلا
|
فإنْ رقا دمعي فلم يَبكِهِ
|
. . . فلن أُصبح فيمن بكى
|
وكيفَ أسلاهُ وبي صبوة ٌ!
|
أم كيف أنساهُ وفيهِ الهُدى ؟
|
كان كنارٍ أُضرمت وانطفت
|
أو بارقٍ مالاح حتى انجلى
|
أو كوكبٍ ما لحظتْ نورَهُ
|
في أُفقهِ العينانِ حتّى خوى
|
عليك إنْ شئتَ دموعُ الحَيا
|
مُعرَّساً في عَرَصاتِ الخَنا
|
وإنْ تَنُطْ سِوّاً إلى حفظِهِ
|
فهو على طولِ المدى ما فشا
|
كم أخذَ الدّهر لنا صاحباً
|
وكم طوى في تربه ما طوى
|
وكم أمالت كفُّهُ صَعْدة ً
|
عالية شاهقة َ المُرتَقَى
|
إنْ شئت أنْ تعجب فانظر إلى
|
مُرتَبَعٍ بادَ ورَبْعٍ خَلا
|
ونعمة ٍ سابغة ٍ قَلّصت ْ
|
ومنزِلٍ بعد كمالٍ غفا
|
من دونِ ما أرغمَ آنافَهم
|
ضربُ الوريدينِ وطعنُ الكُلَى
|
أكفّهم للمجتدين الغنى
|
ودورُهُ في النائباتِ الحِمى
|
وكم لخم من مُعجزٍ باهرٍ
|
أظهره للناسِ يومَ الوغى
|
سِيقوا إلى الموتِ كما سُوِّقتْ
|
للعَقْرِ بالكُرهِ بِهامُ الفلا
|
وطُوِّحوا في برزخٍ واسعٍ
|
بينَ هُوَى مظلمة ٍ أو كُدَى
|
كأنَّهم ماقَسَّمتْ بُرهة ً
|
أيديهُمُ الأرزاقَ بينَ الوَرى
|
ولا أقاموا العزَّ ما بينهم
|
بالبيضِ مَعموداً وسُمرِ القَنا
|
هو الرّدى ليس له مَدفعٌ
|
والموتُ لا يقبلُ بذلَ الرُّشا
|
وكم مضَى قبلك أغلوطة ً
|
بالسيّف من غفلته من فتى
|
إن ساءَني الموتُ فقد سرَّني
|
أنَّك فارقتَ شَهيرَ الظُّبا
|
تمضي إلى القوم الأُلى لم تزلْ
|
تجعلهم في الظلمات الهُدى
|
فإنْ تَبوَّأتَ لهم مَنزلاً
|
فهْوَ لَدى الرَّحمان أعلى الرُّبى
|
ولم يزلْ قبْرُك تُبلى بهِ
|
عليكَ إنْ شئت دوعُ الحَيا
|
فلم يَضِرْ ، وهو ندٍ ، تُربَه
|
من رحمة ٍ أن لم يصبه الندى
|
وإنْ تكنْ مظلمة ً حولَهُ
|
قبورُ أقوامٍ ففيهِ السَّنا
|