لنْ تستطيعَ لأمرِ اللهِ تعقيبا
|
فَاسْتَنْجِدِ الصَّبْرَ أَوفَاسْتَشْعِرِ الحُوبَا
|
وافْزَعْ إِلَى كَنَفِ التَّسْلِيمِ وَارْضَ بِمَا
|
قَضَى المُهَيْمِنُ مَكْرُوهاً ومَحْبُوبَا
|
إِنَّ العَزَاءَ إِذَا عَزَّتْهُ جَائِحَة ٌ
|
ذَلَّتْ عَرِيكَتُهُ فَانْقَادَ مَجْنُوبَا
|
فإنْ قرنتْ إليهِ العزمَ أيَّدهُ
|
حتَّى يعودَ لديهِ الحزنُ مغلوبا
|
فَارْمِ الأَسَى بِالأُسَى يُطْفِي مَوَاقِعَهَا
|
جمراً خلالَ ضلوعِ الصَّدرِ مشبوبا
|
منْ صاحبَ الدَّهرِ لمْ يعدمْ مجلجلة ً
|
يظلُّ منها طوالَ العيشِ منكوبا
|
إنَّ البليَّة َ لا وفرٌ تزعزعهُ
|
أَيْدِي الحَوَادِثِ تَشْتِيتاً وتَشْذِيبَا
|
وَلاَ تَفَرُّقُ أُلاَّفٍ يَفُوتُ بِهِمْ
|
بينٌ يغادرُ حبلَ الوصلِ مقضوبا
|
لَكِنَّ فُقْدَانَ مَنْ أَضْحَى بِمَصْرَعِهِ
|
نُورُ الهُدَى وبَهَاءُ العِلْمِ مَسْلُوبَا
|
أَوْدَى أَبُو جَعْفَرٍ والعِلْمَ فَاصْطَحَبَا
|
أَعْظِمْ بِذَا صَاحِباً إِذْ ذَاكَ مَصْحُوبَا
|
إِنَّ المَنِيَّة َ لَمْ تُتْلِفْ بِهِ رَجُلاً
|
بَلْ أَتْلَفَتْ عَلَماً لِلدِّينِ مَنْصُوبَا
|
أَهْدَى الرَّدَى لِلثَّرَى إِذْ نَالَ مُهْجَتَهُ
|
نجماً على منْ يعادي الحقَّ مصبوبا
|
كانَ الزَّمانُ بهِ تصفو مشاربهُ
|
فالآنَ أصبحَ بالتَّكديرِ مقطوبا
|
كَلاَّ وأَيَّامُهُ الغُرُّ الَّتِي جَعَلَتْ
|
للعلمِ نوراً وللتَّقوى محاريبا
|
لاَ يَنْسَرِي الدَّهْرُ عَنْ شِبْهٍ لَهُ أَبَداً
|
مَا اسْتَوْقَفَ الحَجُّ بِالأَنْصَابِ أُرْكُوبَا
|
أَوْفَى بِعَهْدٍ وأَرْوَى عِنْدَ مَظْلَمَة ٍ
|
زنداً وآكدَ إبراماً وتأديبا
|
منهُ وأرصنُ حلماً عندَ مزعجة ٍ
|
تغادرُ القلَّبيَّ الذهنِ منخوبا
|
إذا انتضى الرَّأيَ في إيضاحِ مشكلة ٍ
|
أَعَادَ مَنْهَجَهَا المَطْمُوسَ مَلْحُوبَا
|
لا يعزبُ الحلمُ في عتبٍ وفي نزقٍ
|
ولا يجرِّعُ ذا الزَّلاَّتِ تثريبا
|
لا يولجُ الَّلغوُ والعوراءُ مسمعهُ
|
وَلاَ يُقَارِفُ مَا يُغْشِيهِ تَأْنِيبَا
|
إنْ قالَ قادَ زمامَ الصِّدقِ منطقهُ
|
أَوْ آثَرَ الصَّمْتَ أَوْلَى النَّفْسَ تَهْيِيبَا
|
لقلبهِ ناظراً تقوى سما بهما
|
فأيقظَ الفكرَ ترغيباً وترهيبا
|
تَجْلُو مَوَاعِظُهُ رَيْنَ القُلُوبِ كَمَا
|
يجلو ضياءُ سنا الصُّبحِ الغياهيبا
|
سِيَّانَ ظَاهِرُهُ البَادِي وبَاطِنُهُ
|
فَلاَ تَرَاهُ عَلَى العِلاَّتِ مَجْدُوبَا
|
لا يأمنُ العجزَ والتَّقصيرَ مادحهُ
|
ولاَ يَخَافُ عَلَى الإِطْنَابِ تَكْذِيبَا
|
ودَّتْ بقاعُ بلادِ اللهِ لوْ جعلتْ
|
قَبْراً لَهُ فَحَبَاهَا جِسْمُهُ طِيبَا
|
كَانَتْ حَيَاتُكَ لِلدُّنْيَا وسَاكِنِهَا
|
نُوراً فَأَصْبَحَ عَنْهَا النُّورُ مَحْجُوبَا
|
لوْ تعلمُ الأرضُ ما وارتْ لقدْ خشعتْ
|
أقطارها لكَ إجلالاً وترحيبا
|
كنتَ المقوِّمَ منْ زيغٍ ومنْ ظلعٍ
|
وفَّاكَ نصحاً وتسديداً وتأديبا
|
وكنتَ جامعَ أخلاقٍ مطهَّرة ٍ
|
مهذَّباً منْ قرافِ الجهلِ تهذيبا
|
فإنْ تنلكَ منَ الأقدارِ طالبة ٌ
|
لَمْ يُثْنِهَا العَجْزُ عَمَّا عَزَّ مَطْلُوبَا
|
فَإِنَّ لِلْمَوْتِ وِرْداً مُمْقِراً فَظِعاً
|
على كراهتهِ لا بدَّ مشروبا
|
إنْ يندبوكَ فقدْ ثلَّتْ عروشهمُ
|
وأصبحَ العلمُ مرثيًّا ومندوبا
|
ومنْ أعاجيبِ ما جاءَ الزَّمانُ بهِ
|
وقدْ يبينُ لنا الدَّهرُ الأعاجيبا
|
أنْ قدْ طوتكَ غموضُ الأرضِ في لحفٍ
|
وَكُنْتَ تَمْلأُ مِنْهَا السَّهْل َوالُّلوبَا
|