هذي العزائم لا ما تدعي القضب |
وذي المكارم لا ما قالت الكتب |
وهذه الهمم اللاتي متى خطبت |
تعثرت خلفها الأشعار والخطب |
صافحت يا ابن عماد الدين ذورتها |
براحة للمساعي دونها تعب |
ما زال جدك يبني كل شاهقة |
حتى ابتنى قبة أوتادها الشهب |
لله عزمك ما أمضى وهمك ما |
افضى اتساعا بما ضاقت به الحقب |
يا ساهد الطرف والأجفان هاجعة |
وثابت القلب والأحشاء تضطرب |
أغرت سيوفك بالإفرنج راجفة |
فؤاد رومية الكبرى لها يجب |
ضربت كبشهم منها بقاصمة |
أودى بها الصلب وانحطت بها الصلب |
قل للطغاة وإن صمت مسامعها |
قولاً لصم القنا في ذكره أرب |
ما يوم إنب والأيام دائلة |
من يوم يغرا بعيد لا ولا كثب |
أغركم خدعة الآمال ظنكم |
كم أسلم الجهل ظنا غره الكذب |
غضبت للدين حتى لم يفتك رضى |
وكان دين الهدى مرضاته الغضب |
طهرت أرض الأعادي من دمائهم |
طهارة كل سيف عندها جنب |
حتى استطار شرار الزند قادحة |
فالحرب تضرم والآجال تحتطب |
والخيل من تحت قتلاها تخر لها |
قوائم خانهن الركض والخبب |
والنقع فوق صقال البيض منعقد |
كما استقل دخان تحته لهب |
والسيف هام على هام بمعركة |
لا البيض ذو ذمة فيها ولا اليلب |
والنبل كالوبل هطال وليس له |
سوى القسي وأيد فوقها سحب |
وللظبى ظفر حلو مذاقته |
كأنما الضرب فيما بينهم ضرب |
وللأسنة عما في صدورهم |
مصادر أقلوب تلك أم قلب |
خانوا فخانت رماح الطعن أيديهم |
فاستسلموا وهي لا نبع ولا غرب |
كذاك من لم يوق الله مهجته |
لاقى العدى والقنا في كفه قصب |
كانت سيوفهم أوحى حتوفهم |
يا رب حائنة منجاتها العطب |
حتى الطوارق كانت من طوارقهم |
ثارت عليهم بها من تحتها النوب |
أجسادهم في ثياب من دمائهم |
مسلوبة وكأن القوم ما سلبوا |
أنباء ملحمة لو أنها ذكرت |
فيما مضى نسيت أيامها العرب |
من كان يغزو بلاد الشرك مكتسبا |
من الملوك فنور الدين محتسب |
ذو غرة ما سمت والليل معتكر |
إلا تمزق عن شمس الضحى الحجب |
أفعاله كاسمه في كل حادثة |
ووجهه نائب عن وصفه اللقب |
في كل يوم لفكري من وقائعه |
شغل فكل مديحي فيه مقتضب |
من باتت الأسد أسرى في سلاسله |
هل يأسر الغلب إلا من له الغلب |
فملكوا سلب الإبرنز قاتله |
وهل له غير أنطاكية سلب |
من للشقي بما لاقت فوارسه |
وإن بسائرها من تحته قتب |
عجبت للصعدة السمراء مثمرة |
برأسه إن إثمار القنا عجب |
سما عليها سمو الماء أرهقه |
أنبوبه في صعود أصلها صبب |
ما فارقت عذبات التاج مفرقة |
إلا وهامته تاج ولا عذب |
إذا القناة ابتغت في رأسه نفقا |
بدأ لثعلبها من نحره سرب |
كنا نعد حمى أطرافنا ظفرا |
فملكتك الظبى ما ليس نحتسب |
عمت فتوحك بالعدى معاقلها |
كأن تسليم هذا عند ذا جرب |
لم يبق منهم سوى بيض بلا رمق |
كما التوى بعد رأس الحية الذنب |
فانهض إلى المسجد الأقصى بذي لجب |
يوليك أقصى المنى فالقدس مرتقب |
وائذن لموجك في تطهير ساحله |
فإنما أنت بحر لجة لجب |
يا من أعاد ثغور الشام ضاحكة |
من الظبى عن ثغور زانها الشنب |
ما زلت تلحق عاصيها بطائعها |
حتى أقمت وأنطاكية حلب |
حللت من عقلها أيدي معاقلها |
فاستحلفت وإلى ميثاقك الهرب |
وأيقنت أنها تتلو مراكزها |
وكيف يثبت بيت ماله طنب |
أجريت من ثغر الأعناق أنفسها |
جرى الجفون امتراها بارح حصب |
وما ركزت القنا إلا ومنك على |
جسر الحديد هزبر غيله أشب |
فاسعد بما نلته من كل صالحة |
يأوي إلى جنة المأوى لها حسب |
إلا تكن أحد الأبدال في فلك التقوى |
فلا نتمارى أنك القطب |
فلو تناسب أفلاك السماء بها |
لكان بينكما من عفة نسب |
هذا وهل كان الإسلام مكرمة |
إلا شهدت وعباد الهوى غيب |