السلطان سنجر السلجوقي

479- 552 هـ
أبو الحارث سنجر بن ملكشاه بن ألب أرسلان بن داود بن ميكائيل بن سلجوق بن دقاق؛ سلطان خراسان وغزنة وما وراء النهر، وخطب له بالعراقين وأذربيجان وأران وأرمينية والشام والموصل وديار بكر وربيعة والحرمين، وضربت السكة باسمه في الخافقين، وتلقب بالسلطان الأعظم معز الدين.

كان من أعظم الملوك همة، وأكثرهم عطاء، ذكر عنه أنه اصطبح خمسة أيام متوالية ذهب في الجود بها كل مذهب، فبلغ ما وهبه من العين سبعمائة ألف دينار، غير ما أنعم من الخيل والخلع والأثاث وغير ذلك.

وقال خازنه: اجتمع في خزائنه من الأموال ما لم أسمع أنه اجتمع في خزائن أحد من الملوك الأكاسرة، وقلت له يوماً: حصل في خزائنك ألف ثوب ديباج أطلس وأحب أن تبصرها، فسكت، وظننت أنه رضي بذلك، فأبرزت جميعها، وقلت: أما تنظر إلى مالك؟ أما تحمد الله تعالى على ما أعطاك وأنعم عليك؟ فحمد الله تعالى، ثم قال: يقبح بمثلي أن يقال: ما إلى المال، وأمر للأمراء بالإذن في الدخول فدخلوا عليه، ففرق عليهم الثياب الطلس وانصرفوا. واجتمع عنده من الجوهر ألف وثلاثون رطلاً، ولم يسمع عند أحد من الملوك بمثل هذا ولا بما يقاربه، ولم يزل أمره في ازدياد وسعادته في الترقي إلى أن ظهرت عليه الأغز -وهم طائفة من الترك- في سنة ثمان وأربعين وخمسمائة، استشهد فيها الفقيه محمد بن يحيى وكسروه وانحل نظام ملكه، وملكوا نيسابور وقتلوا فيها خلقاً لا يحصى عدده، وأسروا السلطان سنجر، وأقام في اسرهم مقدار خمس سنين، وتغلب خوارزم شاه على مدينة مرو، وتفرقت مملكة خراسان.

ثم إن سنجر أفلت من الأسر وعاد إلى خراسان وجمع إليه أطرافه بمرو، وكان يعود إلى ملكه، فأدركه أجله.

وكانت ولادته يوم الجمعة لخمس بقين من رجب بظاهر مدينة سنجار، ولذلك سمي سنجر، فان والده
السلطان ملكشاه لما اجتاز بديار ربيعة ونزل على سنجار جاءه هذا الولد، فقالوا: ما نسميه؟ فقال: سموه سنجر، وأخذ هذا الاسم من اسم المدينة.

وتولى المملكة في سنة تسعين واربعمائة نيابة عن أخيه بركياروق ثم استقل بالسلطنة في سنة اثنتي عشرة وخمسمائة. وتوفي يوم الاثنين رابع عشر شهر ربيع الأول بمرو، ودفن بها بعد خلاصه من الأسر، وانقطع بموته استبداد الملوك السلجوقية بخراسان، واستولى على أكثر مملكته خوارزم شاه أتسز بن محمد بن أنوشتكين، وهو جد السلطان محمد بن تكش خوارزم شاه.

المرجع: وفيات الأعيان