لك الله إن حاربت فالنصر والفتح |
وإن شئت صلحا عد من حزمك الصلح |
وهل أنت إلا السيف في كل حالة |
فطورا له حد وطورا له صفح |
سقيت الردينيات حتى رددتها |
ترنح من سكر فحل القنا تصحو |
وما كان كف العزم إلا إشارة |
إلى الحزم لو لم يغضب السيف والرمح |
وقد علم الأعداء مذيت جانحا |
إلى السلم ما تنوي بذاك وما تجو |
إذا ما دمشق ملكتك عنانها |
تيقن من في إيليا أنه الذبح |
متى التفت نقع الجحفلين على الهدى |
فلا مهمة يحوي الضلال ولا سفح |
إذا سار نور الدين في الجيش غازيا |
فقولا لليل الإفك قد طلع الصبح |
تركت قلوب الشرك تشكو جراحها |
فلا زالت الشكوى ولا اندمل الجرح |
صبرت فكان الصبر خير مغبة |
فسيق إليك الملك يسعى به النجح |
كأن القنا تجلو له وجه أمره |
ولو أمهلت بلقيس ما غرها الصرح |
بدولتك الغراء أصبح ضدها |
بهيما ولولا الحسن ما عرف القبح |
وكم من قريح القلب لو بات واردا |
موارد هذا العدل ما مسه قرح |
سخابك هذا الدهر جودا على الورى |
على أنه ما زال في طبعه شح |
وقد كان يمحو رسم كل فضيلة |
ونحن نراه اليوم يثبت ما يمحو |
بك ابتهج الألباب وانتهج الحجا |
وأثمرت الآداب وأطرد المدح |
ولاذت بك التقوى وعاذت بك العلا |
ودانت لك الدنيا وعزبك السرح |
فلا قلب إلا قد تملكته هوى |
ولا صدر إلا قد جلاه لك النصح |
وما الجود في الأملاك إلا تجارة |
فمن فاته حمد الورى فاته الربح |
ولم أختصر ما قلت إلا لأنني |
أعبر عما لا يقوم به الشرح |