هذا الذي ولدت له الأفكار |
وتمخضت فألا به الشعار |
وجرت له خيل النهى في حلبة |
وردت وصفو ضميرها المضمار |
وأتت به نذر القوافي برهة |
إن القوافي وحيها إنذار |
حكمت لسيفك بالممالك عنوة |
حكما لعمري ما عليه غبار |
يا أيها الملك المطيل نجاده |
بر بدين بهديه الأبرار |
يا ابن السيوف وهل فخرت بنسبة |
إلا سما بك قائم وغرار |
فارقت دار الملك غير مفارق |
لك من علاك بكل أرض دار |
في عسكر يخفي كواكب ليله |
نقع فيطلعها القنا الخطار |
جرار أذيال العجاج وراءه |
وأمامه بك جحفل جرار |
تدني لك الغايات أكبر همة |
نورية همم الملوك كبار |
حتى ملأت الخافقين مهابة |
دانت لعظم نظامها الأقطار |
وملكت سنجارا وما من بلدة |
إلا تمنى أنها سنجار |
وبسطت بالأموال كفا طالما |
طالت بها الآمال وهي قصار |
وجرت بأمداد الجياد شعابها |
جري السيول وما عداك قرار |
وثنى الفرات إلى يديك عنانه |
والبحر ما اتصلت به الأنهار |
وما ملكت رحبة مالك فتبرجت |
منها لعينك كاعب معطار |
جاءتك في حلل الربيع وحليها |
قبل الربيع شقائق وبهار |
نثرت عليك هوى القلوب محبة |
وتود لو أن النجوم نثار |
فأقمت كالشمس المنيرة إن نأت |
عن أفقها فلها به أقمار |
من كان نور الدين ثم أجنه |
ليل السرى حفت به الأنوار |
تدعو البلاد إليك ألسنة الظبي |
فتجيبك الأنجاد والأغوار |
حتى عمدت الدين يا ابن عماده |
بقنا أسنتها عليه منار |
وقفلت من أسفار جدك قادما |
كالصبح نم بثغره الإسفار |
يغشى البصائر نور وجهك بعد ما |
اعتركت على قسماته الأبصار |
حتى عمرت بكل قلب صدره |
حين الصدور في القلوب قفار |
إن تمس في حلب رياحك غضة |
فلها بأنطاكية إعصار |
وغدت جيادك بالشآم مقيمة |
ولها بأطراف الدروب مغار |
همم سبقت بها إلى مهج العدى |
صرف الردى ومسيره إحضار |
وأرى صياح القمص كان خديعة |
فطغى وجار وليس ثم وجار |
سأل الصنيعة غير محقوق بها |
والخير يهدم ما بنى الختار |
حتى إذا ما غبت أقدم عاثيا |
إقدام من لم يدن منه قرار |
أمضى السلاح على عدوك بغيه |
بالغدر يطعن في الوغى الغدار |
فاحسم عناد ذوي العناد بجحفل |
كالليل فيه من الصفيح نهار |
جند على جرد أمام صدورها |
صدر عليه من اليقين صدار |
قد بايع الإخلاص بيعة نصرة |
ولكل هادي أمة أنصار |
ملك له من عدله ووفائه |
جيش به تستفتح الأمصار |
وإذا الملوك تثاقلت عن غاية |
وأرادها حفت به الأقدار |
وإذا انتضته إلى الثغور عزيمة |
قامت مقام جنوده الأخبار |