أعلمتمُ أنّ النّسيمَ إذا سَرَى
|
نقَلَ الحديثَ إلى الرّقيبِ كما جرَى
|
وأذاعَ سِرّاً ما برِحتُ أصُونُهُ
|
وهوًى أُنَزّهُ قَدْرَهُ أنْ يُذْكَرَا
|
ظهرتْ عليهِ من عتابيَ نفحة ٌ
|
رقتْ حواشيهِ بها وتعطراَ
|
وأتى العذولُ وقد سددتُ مسامعي
|
بهوى يردّ من العواذلِ عسكراَ
|
جهلَ العذولُ بأننيفي حبكم
|
سَهَرُ الدّجى عندي ألَذّ من الكَرى
|
وَيَلُومُني فيكُمْ وَلَستُ ألُومُهُ
|
هيهاتَ ما ذاقَ الغرامَ وَلا درَى
|
وبمُهجتي وَسْنانَ لا سِنَة الكرَى
|
أومارأيتَ الظبيَ أحوى َ أحورا
|
بهَرَتْ محَاسنُهُ العُقولَ فما بدا
|
إلاّ وسبحَ منْ رآهُ وكبراَ
|
عانقتُ غصنَ البانِِ منهُ مثمراً
|
ولَثَمتُ بَدرَ التَّمّ منهُ مُسفِرَا
|
وتملكتني من هواهُ هزة ٌ
|
كادتْ تُذيعُ عنِ الغَرامِ المُضمَرَا
|
وكتَمتُ فيهِ محَبّتي فأذاعَهَا
|
غَزَلٌ يَفُوحُ المِسكُ منهُ أذفَرَا
|
غزلٌ أرقّ من الصبابة ِ والصبا
|
وجعلتُ مَدحي في الأميرِ مكَفِّرَا
|
وَغفَرْتُ ذَنبَ الدّهرِ يَوْمَ لِقائِهِ
|
وشكرتهُ ويحقّ لي أن أشكراَ
|
مولى ترى بينَ الأنامِ وبينهُ
|
في القدرِ ما بينَ الثريا والثرى
|
بَهَرَ المَلائِكَ في السّماءِ دِيانَة ً
|
ألله أكبرُ ما أبرّ وأطهراَ
|
ذو هِمّة ٍ كَيوانُ دونَ مَقامِهَا
|
لوْ رامَها النّجمُ المُنيرُ تَحَيّرَا
|
وتَهُزّ منهُ الأرْيَحِيّة ُ ماجداً
|
كالرّمْحِ لَدْناً والحُسامِ مُجوْهَرَا
|
فإذا سألتَ سألتَ منهُ حاتِماً
|
وإذا لقيتَ لقيتَ منهُ عنتراَ
|
يهتزّ في يدهِ المهندُ عزة ً
|
ويميسُ فيها السمهريُّ تبخترا
|
وإذا امرؤٌ نادى نداهُ فإنما
|
نادَى ، فلَبّاهُ، السّحابَ المُمطِرَا
|
بَينَ المُكَرَّمِ وَالمكارِمِ نِسْبَة ٌ
|
فلذاكَ لا تهوى سواهُ من الورى
|
من مَعشَرٍ نَزَلوا من العَلياءِ في
|
مستوطنٍ رحبِ القرى سامي الذرى
|
ُبِلُوا على الإسلامِ إلاّ أنّهمْ
|
فُتِنوا بنارِ الحَرْبِ أوْ نارِ القِرَى
|
رَكِبوا الجِيادَ إلى الجِلادِ كأنّما
|
يحملنَ تحتَ الغابِ آسادَ الشرى
|
من كلّ مَوّارِ العِنانِ مُطَهَّمٍ
|
يجلو بغرتهِ الظلامَ إذا سرى
|
وسروا إلى نيلِ العلى بعزائمٍ
|
أينَ النجومُ الزهرُ من ذاكَ السرى
|
فافخَرْ بما أعطاكَ رَبُّكَ إنّهُ
|
فَخرٌ سَيَبقى في الزّمانِ مُسطَّرَا
|
لا ينكرُ الإسلامُ ما أوليتهُ
|
بكَ لم يزلْ مستنجداً مستنصرا
|
وليهنِ مقدمكَ الصعيدَ ومن به
|
ومَنِ البَشيرُ لمَكّة ٍ أُمّ القُرَى
|
فإذا رأيتَ رأيتَ منهُ جنة ً
|
لم ترْضَ إلاّ جودَ كَفّكَ كَوْثَرَا
|
وَلَطالَما اشتاقَتْ لقُرْبِكَ أنفُسٌ
|
كادَتْ منَ الأشواقِ أنْ تَتَفَطّرَا
|
وَنَذَرْتُ أنّي إنْ لَقيتُكَ سالماً
|
قلدتُ جيدَ الدهرِ هذا الجوهرا
|
ومَلأتُ منْ طيبِ الثّناءِ مَجامِراً
|
يذكينَ بينَ يديكَ هذا العنبرا
|
فقرٌ لكلّ الناسِ فقرٌ عندها
|
أبداً تباعُ بها العقولُ وتشترى
|
تَثني لراويهَا الوَسائِدَ عزّة ً
|
ويَظَلّ في النّادي بها مُتَصَدِّرَا
|
مَوْلايَ مَجدَ الدّينِ عَطفاً إنّ لي
|
لمَحَبّة ً في مِثْلِها لا يُمترَى
|
يا مَنْ عَرفتُ النّاسَ حينَ عرَفتُهُ
|
وجهلتهمْ لما نأى وتنكرا
|
خلقٌ كماءِ المزنِ منكَ عهدته
|
وَيَعِزّ عندي أنْ يُقالَ تَغَيّرَا
|
مولايَ لم أهجُرْ جَنابَك عن قِلًى
|
حاشايَ من هذا الحديثِ المُفْتَرَى
|
وكَفَرْتُ بالرّحمنِ إن كنتُ امرَأً
|
أرْضَى لمَا أوْلَيْتَهُ أنْ يُكفَرَا
|