بكَ اهتزّ عطفُ الدينِ في حللِ النصرِ
|
وردتْ على أعقابها ملة ُ الكفرِ
|
فقد أصْبَحتْ وَالحَمدُ لله نِعمَة ً
|
يُقَصّرُ عنها قُدرَة ُ الحمدِ وَالشّكرِ
|
يَقِلّ بهَا بَذْلُ النّفُوسِ بِشارَة ً
|
ويصغرُ فيها كلّ شيءٍ من النذرِ
|
ألا فليقلْ ما شاءَ منْ هو قائلٌ
|
ودونكَ هذا موضعُ النظمِ والنثرِ
|
وَجَدْتَ مَحَلاًّ للمَقالَة ِ قابِلاً
|
فما لكَ إن قصرتَ في ذاكَ من عذرِ
|
لكَ اللهُ من مولى إذا جادَ أو سطا
|
فناهيكَ من عُرْفٍ وَناهيكَ من نُكرِ
|
تَميسُ بهِ الأيّامُ في حُلَلِ الصِّبَا
|
وترفلُ منهُ في مطارفهِ الخضرِ
|
أياديهِ بِيضٌ في الوَرَى مُوسَوِيّة ٌ
|
ولكنها تسعى على قدمِ الخضرِ
|
ومن أجلِهِ أضْحَى المُقَطَّمُ شامِخاً
|
ينافسُ حتى طورَ سيناءَ في القدرِ
|
تَدينُ لَهُ الأملاكُ بالكُرْهِ وَالرّضَى
|
وَتَخدُمُهُ الأفلاكُ في النّهي وَالأمْرِ
|
فَيَا مَلِكاً سامَى المَلائِكَ رِفْعَة ً
|
ففي المَلإِ الأعلى لَهُ أطْيَبُ الذّكْرِ
|
ليهنئكَ ما أعطاكَ ربكَ إنها
|
مَواقِفُ هنّ الغُرُّ في موْقفِ الحَشرِ
|
وما فرحتْ مصرٌ بذا الفتحِ وحدها
|
لقد فرحتْ بغدادُ أكثرَ من مصرِ
|
فلوْ لم يقمْ باللهِ حقّ قيامهِ
|
لما سلمتْ دارُ السلامِ من الذعرِ
|
وأقسمُ لولا همة ٌ كاملية ٌ
|
لخافتْ رجالٌ بالمقامِ وبالحجرِ
|
فمنْ مبلغٌ هذا الهناءَ لمكة ٍ
|
ويثربَ تنهيهِ إلى صاحبِ القبرِ
|
فقُلْ لرَسولِ الله إنّ سَمِيّهُ
|
حمى بيضة َ الإسلامِ من نوبِ الدهرِ
|
هو الكاملُ المولى الذي إن ذكرتهُ
|
فيا طربَ الدنيا ويا فرحَ العصرِ
|
بهِ ارتجعتْ دمياطُ قهراً من العدى
|
وطهرها بالسيفِ والملة ِ الطهرِ
|
وَرَدّ على المِحرابِ منها صَلاتَهُ
|
وكم باتَ مُشتاقاً إلى الشَّفعِ وَالوِتْرِ
|
وأقسمُ إن ذاقتْ بنو الأصفرِ الكرى
|
فلا حَلِمَتْ إلاّ بأعلامِهِ الصُّفرِ
|
عَجبْتُ لبَحرٍ جاءَ فيهِ سَفينُهُمْ
|
ألَسْنَا نَراهُ عندَنا مَلِكَ الغَمْرِ
|
ألا إنها من فعلهِ لكبيرة ٌ
|
سيَطلُبُ منها عَفوَ حِلمِكَ واليُسْرِ
|
ثلاثة َ أعوامٍ أقمتَ وأشهراً
|
تُجاهِدُ فيهِمْ لا بزَيْدٍ وَلا عمرِو
|
صبرتَ إلى أنْ أنزلَ اللهُ نصرهُ
|
لذلكَ قد أحمَدْتَ عاقبَة َ الصّبرِ
|
وَلَيْلَة ِ غَزْوٍ للعَدوّ كأنّهَا
|
بكثرَة ِ مَنْ أرْدَيْتَهُ لَيلَة ُ النّحرِ
|
فيا ليلة ً قد شرفَ اللهُ قدرها
|
ولا غروَ إنْ سميتها ليلة َ القدرِ
|
سددتَ سبيلَ البرّ والبحرِ عنهمُ
|
بسابحة ٍ دهمٍ وسابحة ٍ غرَّ
|
أساطيلُ ليستْ في أساطيرِ منْ مضى
|
بكلّ غرابٍ راحَ أفتكَ من صقرِ
|
وجيشٍ كمثلِ الليلِ هولاً وهيبة ً
|
وإن زانهُ ما فيهِ من أنجمٍ زهرِ
|
وكلَّ جوادٍ لم يكنْ قطُّ مثلهُ
|
لآلِ زُهَيرٍ لا وَلا لبني بَدْرِ
|
وباتتْ جنودُ اللهِ فوقَ ضوامرٍ
|
بأوضاحها تغني السراة َ عن الفجرِ
|
فَما زِلْتَ حتى أيّدَ الله حِزْبَهُ
|
وأشرقَ وجهُ الأرضِ جذلانَ بالنصرِ
|
فرويتَ منهم ظامئَ البيضِ والقنا
|
وأشبعتَ منهم طاويَ الذئبِ والنسرِ
|
وجاءَ ملوكُ الرومِ نحوكَ خضعاً
|
تجررُ أذيالَ المهانة ِ والصغرِ
|
أتوا ملكاً فوقَ السماكِ محلهُ
|
فمن جودهِ ذاكَ السحابُ الذي يسري
|
فمَنّ عَلَيهِمْ بالأمانِ تكَرّماً
|
على الرغمِ من بيضِ الصوارمِ والسمرِ
|
كَفَى الله دِمياطَ المَكارِهَ إنّهَا
|
لمنْ قبلة ِ الإسلامِ في موضعِ النحرِ
|
وما طابَ ماءُ النيلِ إلاّ لأنهُ
|
يحلّ محلّ الريقِ من ذلكَ الثغرِ
|
فلِلّهِ يَوْمُ الفَتحِ يَوْمُ دُخولِهَا
|
وقد طارتِ الأعلامُ منها على وكرِ
|
لقدْ فاقَ أيامَ الزمانِ بأسرها
|
وأنسَى حَديثاً عن حُنَينٍ وَعن بَدْرِ
|
ويا سعدَ قومٍ أدركوا فيهِ حظهمْ
|
لقد جَمَعوا بَينَ الغَنيمَة ِ وَالأجْرِ
|
وَإنّي لمُرْتَاحٌ إلى كُلّ قادِمٍ
|
إذا كانَ من ذاكَ الفُتوحِ على ذِكْرِ
|
فيطربني ذاكَ الحديثُ وطيبهُ
|
ويَفعَلُ بي ما لَيسَ في قُدرَة ِ الخَمرِ
|
وأصغي إليهِ مستعيداً حديثهُ
|
كأني ذو وقرٍ ولستُ بذي وقرِ
|
يقومُ مَقامَ البارِدِ العَذبِ في الظمَا
|
ويغني عن الأزوادِ في البلدِ القفرِ
|
فكمْ مرّ لي يومٌ إذا ما سمعتهُ
|
أقَرّ بِهِ سَمعي وَأذكَرَهُ فِكرِي
|
وها أنا ذا حتى إلى اليومِ ربما
|
أكذبُ عنهُ بالصحيحِ من الأمرِ
|
لكَ اللهُ من أثنى عليكَ فإنما
|
من القتلِ قد أنجيتهُ أوْ من الأسرِ
|
يُقَصّرُ عَنكَ المَدْحُ من كلّ مادحٍ
|
ولوْ جاءَ بالشّمسِ المُنيرَة ِ والبَدرِ
|