ولَيلَة ٍ كأنّهَا يَوْمٌ أغَرّ
|
ظَلامُها أشرَقُ من ضَوْءِ القمرْ
|
كأنها في مقلة ِ الدهرِ حورْ
|
ما قصرت لو سلمتْ من القصرْ
|
حينَ أتتْ مرتْ كلمحٍ بالبصرْ
|
لَيسَ لهَا بَينَ النّهارَينِ أثَرْ
|
تَطابَقَ العِشاءُ منها والسّحَرْ
|
ألذُّ من طيبِ الكرى فيها السهرْ
|
قَطَعتُها فلا تَسَلْ عنِ الخبرْ
|
بصاحبٍ حُلوِ الحَديثِ وَالسّمَرْ
|
تَحضُرُ كلُّ راحة ٍ إذا حَضَرْ
|
في الجدّ والهزلِ جميعاً قد مهرْ
|
نِعمَ الرّفيقُ في المُقامِ والسّفَرْ
|
وشادِنٍ فيهِ من التّيهِ خَفَرْ
|
حلوِ الثنايا والتثني إنْ خطرْ
|
مِن أطرَبِ النّاسِ غِناءً وَوَتَرْ
|
وفيهِ أشياءٌ وأشياءٌ أخرْ
|
وقهوة ٍ تسدّ أبوابَ الفكرْ
|
أشرفَ شيءٍ عنصراً ومعتصرْ
|
تضعفُ عن إدراكها قوى البشرْ
|
رقتْ فما يثبتها حسنُ النظرْ
|
فلم تزَلْ حتى إذا الفجرُ انفَجَرْ
|
وغرِقَتْ منهُ النّجومُ في نَهَرْ
|
وأيقظَ النائمَ أنفاسُ السحرْ
|
وخمشَ النسيمُ أغصانَ الشجرْ
|
وفتتتْ يدُ الصبا مسكَ الزهرْ
|
قمنا وهلْ طابَ نعيمٌ واستمرّ
|
قد سَتَرَ اللّيلُ عَلَينا وَغَفَرْ
|
وما لَذيذُ العَيشِ إلاّ ما استَتَرْ
|
لليلِ عندي مننٌ إذا اعتكرْ
|
يُلحِفُني جَناحهُ عند الحَذَرْ
|
كمْ حاجة ٍ قضَيتُ فيهِ وَوَطَرْ
|
أوْدَعتُهُ سِرّ الهَوَى فَما ظهَر
|
رَقّ عليّ قَلبُهُ لمّا كَفَرْ
|