هذا الصباح صباح الشيب قد وضحا |
سرعان ما كان ليلا فاستنار ضحى |
للدهر لونان من نور ومن غسق |
هذا يعاقب هذا كلما برحا |
وتلك صبغته أعدى بنيه بها |
إذا تراخى مجال العمر وانفسحا ما ينكر المرء من نور جلا غسقا ما لم يكن لأماني النفس مطرحا |
إذا رايت بروق الشيب قد بسمت |
بمفرق فمحيا العيش قد كلحا |
يلقى المشيب بإجلال وتكرمة |
من قد أعد من الأعمال ما صلحا |
أما ومثلي لم يبرح يعلله |
من النسيم عليل كلما نفحا |
والبرق ما لاح في الظلماء مبتسما |
من جانب السفح إلا دمعه سفحا |
فما له برقيب الشيب من قبل |
من بعد ما لام في شان الهوى ولحا |
يأبى وفائي أن أصغي للأئمة |
وأن أطيع عذولي غش أو نصحا |
يا أهل نجد سقى الوسمي ربعكم |
غيثا ينيل غليل الترب ما اقترحا |
ما للفؤاد إذا هبت يمانية |
تهديه أنفاسها الأشجان والبرحا |
يا حبذا نسمة من ارضكم نفحت |
وحبذا ربرب من جوكم سنحا |
يا جيرة تعرف الأحياء جودهم |
ما ضر من ضن بالإحسان لو سمحا |
ما شمت بارقة من جو كاظمة |
إلا وبت لزند الشوق مقتدحا |
في ذمة الله قلبي ما أعلله |
بالقرب إلا وعاد القرب منتزحا |
كم ليلة والدجى راعت جوانبها |
قلب الجبان فما ينفك مطرحا |
سريتها ونجوم الأفق فيه طفت |
جواهرا وعباب الليل قد طفحا |
بسابح أهتدي ليلا بغرته |
والبدر في لجة الظلماء قد سبحا |
والسحب تنثر در الدمع من فرق |
والجو يخلع من برق الدجى وشحا |
ما طالبت همتي دهري بمعلوة |
إلا بلغت من الأيام مقترحا |
ولا أدرت كؤوس العزم مغتبقا |
إلا أدرت كؤوس العز مصطبحا |
هذا وكل الذي قد نلت من أمل |
مثل الخيال تراءى ثمت انتزحا |
كم يكدح المرء لا يدري منيته |
أليس كل امرئ يجزى بما كدحا |
وارحمتا لشبابي ضاع أطيبه |
فما فرحت به قد عاد لي ترحا |
أليس ايامنا اللائي سلفن لنا |
منازلا أعلمت فيها الخطا مرحا |
إنا إلى الله ما أولى المتاب بنا |
لو أن قلبا إلى التوفيق قد جنحا |
الحق ابلج والمنجاة عن كثب |
والأمر لله والعقبى لمن صلحا |
يا ويح نفس توانت عن مراشدها |
وطرفها في عنان الغي قد جمحا |
ترجو الخلاص ولم تنهج مسالكها |
من باع رشدا بغي قلما ربحا |
يا رب صفحك يرجو كل مقترف |
فأنت أكرم من يعفو ومن صفحا يا رب لا سبب أرجو الخلاص به إلا الرسول ولطفا منك إن نفحا |
فما لجأت له في دفع معضلة |
إلا وجدت جناب اللطف منفسحا |
ولا تضايق أمر فاستجرت به |
إلا تفرج باب الضيق وانفتحا |
يا أهل تبلغني مثواه ناجية |
تطوي بي القفر مهما امتد وانفسحا |
حيث الربوع بنور الوحي آهلة |
من حلها احتسب الآمال مقترحا |
حيث الرسالة تجلو من عجائبها |
من الجمال بنور الله متضحا |
حيث النبوة تتلو من غرائبها |
ذكرا يغادر صدر الدين منشرحا |
حيث الضريح بما قد ضم من كرم |
قد بذ في الفخر من ساد ومن نجحا |
يا حبذا بلدة كان النبي بها |
يلقى الملائك فيها أية سرحا |
يا دار هجرته يا أفق مطلعة |
لي فيك بدر بغير الفكر ما لمحا |
من هاشم في سماء العز مطلعة |
أكرم به نسبا بالعز متشحا |
من آل عدنان في الاشراف من مضر |
من محتد تطمح العلياء إن طمحا |
من عهد آدم ما زالت أوامره |
تسام بالمجد من آبائه الصرحا |
عناية سبقت قبل الوجود له |
والله لو وزنت بالكون ما رجحا |
يا مصطفى وكمام الكون ما فتقت |
يا مجتبي وزناد النور ما قدحا |
لولاك ما أشرقت شمس ولا قمر |
لولاك ما راقت الافلاك ملتمحا |
صدعت بالنور تجلو كل داجية |
حتى تبين نهج الحق واتضحا |
يا فاتح الرسل أو يا ختمها شرفا |
بوركت مختتما قدست مفتتحا |
دنوت للخلق بالألطاف تمنحها |
والقلب في العالم العلوي ما برحا |
كالشمس في الأفق الأعلى مجرتها |
والنور منها إلى الأبصار قد وضحا |
كم آية لرسول الله معجزة |
تكل عن منتهاها ألسن الفصحا |
إن ردت الشمس من بعد الغروب له |
قد ظللته غمام الجو حيث نحا |
يا نعمة عظمت في الخلق منتها |
ورحمة تشمل الغادين والروحا |
الله أعطاك ما لم يؤته أحدا |
والله أكرم من أعطى ومن منحا |
حبيبه مصطفاه مجتباه وفي |
هذا بلاغ لمن حلاك ممتدحا |
أثنى عليك كتاب الله ممتدحا |
فأين يبلغ في علياك من مدحا |
قد أبعدتني ذنوبي عنك يا أملي |
فجهدي اليوم أن أهدي لك المدحا |
لعل رحماك والأقدار سابقة |
تدني محبا بأقصى الغرب منتزحا |
نفس شعاع وقلب خان أضلعه |
مما يعاني من الأشواق قد برحا |
إذا البروق أضاءت والغمام همت |
فزفرتي أذكيت أو مدمعي سفحا |
لم لا أحن وهذا الجذع حن له |
لما تباعد عن لقياه وانتزحا |
كم ذا التعلل والأيام تمطلني |
كأنها لم تجد عن ذاك منتدحا |
ما أقدر الله أن يدني على شحط |
وأن يقرب بعد البين من نزحا |
يا سيد الرسل يا نعم الشفيع إذا |
طال الوقوف وحر الشمس قد لفحا |
أنت المشفع والأبصار شاخصة |
أنت الغياث وهول الخطب قد فدحا |
حاش العلا وجميل الظن يشفع لي |
أن يخفق السعي مني بعدما نجحا |
عساك يا خير من ترجى وسائله |
تنجي غريقا ببحر الذنب قد سبحا |
ما زال معترفا بالذنب معتذرا |
لعل حبك يمحو كل ما اجترحا |
عسى البشير غداة الروع يسمعني |
بشرى تعود لي البؤسى بها فرحا |
لا تيأسن فإن الله ذو كرم |
وحبك العاقب الماحي الذنوب محا |
صلى الإله على المختار صفوته |
ما العارض انهل أو ما البارق التمحا |
وأيد الله مولانا بعصمته |
بأي باب إلى العلياء قد فتحا |
وهنئ الدين والدنيا على ملك |
بسعده الطائر الميمون قد سنحا |
أنا الضمين لمكحول بغرته |
ألا ترى عينه بؤسا ولا ترحا |
مولاي خذها كما شاءت بلاغتها |
غراء لم تعدم الأحجال والقزحا |
كأن سرب قوافيها إذا سنحت |
طير على فنن الإحسان قد صدحا |