جادكَ الغيث إذا الغيث هـمى
|
يا زمانَ الوصل بالأندلسِ
|
لم يكن وصلك إلا حلُما
|
في الكـرى أو خِلسة المختلس
|
*
|
إذ يقود الدهر اشتات المنى
|
ينقل الخطو على ما يرسم
|
زمَراً بين فُرادى وثُنى
|
مثلما يدعو الوفودَ الموسمُ
|
والحيا قد جللّ الروض سنى
|
فثغور الروض عنه تبسم
|
وروى النعمان عن ماء السما
|
كيف يروي مالك عن أنس
|
فكساه الحسن ثوباً مُعلّماً
|
يزدهي منـه بأبهى ملبس
|
*
|
في ليالٍ كتمت سر الهوى
|
بالدجى لولا شموسُ الغرر
|
مال نجم الكأس فيها وهوى
|
مستقيمَ السير سعد الأثر
|
وطر ما فيه من عيب سوى
|
أنه مرّ كلمح البصر
|
حين لذّ الأنس شيئاً أو كما
|
هجم الصبح هجوم الحرس
|
غارت الشهب بنا أو ربما
|
أثرت فينا عيون النرجس
|
*
|
أي شيء لامرئ قد خلصا
|
فيكون الروضُ قد مكن فيه
|
تنهب الأزهار منه الفرصا
|
أمنت من مكره ما تتقيه
|
فإذا الماء تناجى والحصا
|
وخلا كل خليل بأخيه
|
تبصر الورد غيوراً برما
|
يكتسي من غيظه ما يكتسي
|
وترى الآس لبيباً فهما
|
يسرق السمع بأذني فرس
|
*
|
يا أهبل الحي من وادي الغضا
|
وبقلبي منزل أنتم به
|
ضاق عن وجدي بكـم رحـب الفضا
|
لا أبالي شرقه من غربهِ
|
فأعيدوا عهد أنس قد مضى
|
تُنقذوا عانيَكم من كربه
|
واتقوا الله وأحيوا مغرماً
|
يتلاشى نفساً في نفس
|
حبس النفْس عليكم كرماً
|
افترضَوْن عفاء الحبس
|
*
|
وبقلبي منكم مقتربُ
|
بأحاديث المنى وهو بعيد
|
قمر أطلع منه المغربُ
|
شقوة المُغرى به وهو سعيد
|
قد تساوى محسن أو مذنب
|
في هواه بين وعد ووعيد
|
ساحر المقلة معسول اللمى
|
جال في النفْس مجال النفَس
|
سدد السهم فأصمى إذ رمى
|
ففؤادي نبلة المفترس
|
*
|
ان يكن جار وخاب الأملُ
|
وفؤادي الصبّ بالشوق يذوبْ
|
فهو للنفس حبيبٌ أولُ
|
ليس في الحب لمحبوب ذنوبْ
|
أمرُهُ معتمل ممتثلُ
|
في ضلوع قد براها وقلوب
|
حكّم اللحظ بها فاحتكما
|
لم يراقب في ضعاف الأنفس
|
منصف المظلوب ممن ظلما
|
ومجازي البر منها والمسي
|
*
|
ما لقلبي كلما هبت صبا
|
عاده عيد من الشوق جديد
|
كان في اللوح له مُكتتبا
|
قوله إنّ عذابي لشديد
|
جلب الهم له والوصبا
|
فهو للأشجان في جهد جهيد
|
لاعجٌ في أضلعي قد أضرما
|
فهي نار في هشيم اليبس
|
لم يدع من مهجتي إلا ذما
|
كبقاء الصبح بعد الغلس
|
*
|
سلمي يا نفس في حكم القضـا
|
واعمري الوقت برُجعى ومتاب
|
دعْك من ذكر زمان قد مضى
|
بين عُتبى قد تقضّت وعتابْ
|
واصرفي القول إلى المولى الرضا
|
مُلهَمِ التوفيق في أم الكتاب
|
الكريم المنتهى والمنتمى
|
أسد السرج وبدر المجلس
|
ينزل النصر عليه مثلما
|
ينزل الوحي بروح القدس
|
*
|
مصطفى الله سميّ المصطفى
|
الغني بالله عن كل أحد
|
من اذا ما عقد العهدَ وفى
|
وإذا ما قبُحَ الخطب عقد
|
من بني قيس بن سعد وكفى
|
حيث بيتُ النصر مرفوع العمد
|
حيث بيت النصر محمي الحمى
|
وجنى الفضل زكي المغرس
|
والهوى ظلُّ ظليل حينما
|
الندى هب إلى المغترس
|
*
|
هاكها يا سبط انصار العلا
|
والذي إن عثر الدهر أقال
|
غادة ألبسها الحسن ملا
|
تبهر العين جـلاء وصقال
|
عارضت لفظا ومعنى وحلى
|
قولَ من أنطقه الحبّ فقال:
|
(هل درى ظبي الحمى أن قد حمى
|
قلب صبّ حله عن مكنس
|
فهو في حر وخفق مثلما
|
لعبت ريح الصبا بالقبس)
|