ما بينَ قلبي وبرقِ المُنْحنى نَسبُ |
كلاهُما من سَعير الوَجد يلتهبُ |
قلبي لِما فاته من وصل فاتِنِه |
والبرقُ إذْ فاتَه من ثغره الشَّنَبُ |
بدرٌ أغارَ بُدورَ التمِّ حين بَدا |
ليلاً تحفُّ به من عِقده الشُّهبُ |
مُهفهفٌ إن ثَنى عِطفاً على كَفَلٍ |
أثنَتْ على قدِّه الأغصانُ والكثُبُ |
قَضى هواهُ على العُشَّاق أنَّ له |
سَلْبَ القُلوبِ التي في حُبِّه تَجِب |
راقتْ لعينيَ إذْ رقَّت محاسنُهُ |
وراقَ لي في هواهُ الوجدُ والوصبُ |
فالجَفْنُ بالسُّهد أمسى وهو مكتحلٌ |
والدمعُ أصبحَ يجري وهو مُختضبُ |
ظبيٌ من العُرب تَحميه محاسنُهُ |
عمَّن يؤمِّلُه والسمرُ والقُضبُ |
لكنَّه ما رعى في الحبِّ لي ذِمماً |
وكم رعتْ ذِمماً في حيِّها العرب |
لو لم يكنْ بالحمى الشرقيِّ منزلُهُ |
ما هزَّني للحمى شوقٌ ولا طَربُ |
لا زالَ صوبُ الحَيا يُحيي معاهدَه |
وتسحبُ الذيلَ في أرجائها السُّحُبُ |
معاهدٌ نِلتُ فيها مُنتهى أرَبى |
وليس لي في سِوى مَن حَلَّهَا أربُ |
أيامَ غصنُ شَبابي يانعٌ نضِرٌ |
والعمرُ غضٌّ وأثوابُ الصِّبا قُشُب |
أصبو إلى كلِّ بدرٍ طوقُه أفقٌ |
وكلِّ شمس لها من ضوئِها حُجُبُ |
أستودعُ اللهَ غزلاناً بذي سَلَم |
بانت بهنَّ دَواعي البَينِ والنِّوبُ |
شكوتُ جورَ النَّوى من بعدها وشكتْ |
وكنتُ لم أدرِ ما الشكوى ولا العَتَبُ |
يا راحلاً بفؤادي وهو قاطنُهُ |
وساكناً بضُلوعي وهيَ تَضطرِبُ |
قطعتَ حبلَ الوَفا من غير ما سَببٍ |
فهل إلى الوَصل من بعد الجَفا سَببُ |
أمَّا النفوسُ فقد ذابتْ عليك أسى ً |
وهي التي من مَجاري الدَّمعِ تَنسكِبُ |
فإن سلبتَ الذي أبقيتَ من رَمَقٍ |
أحيَيْتَها ولظلك المسلوبُ والسَّلبُ |
وإن قضيتَ بأن تَقضي على كمَدٍ |
فإنَّها في سبيل الله تُحتسَبُ |