أهلا بِمَقْدمِكَ السَّنِّي ومرْحبا |
فلقد حباني اللهُ مِنْك بما حبا |
وافيت والدُّنيا عليَّ كأنها |
سَمُّ الخِياط وطِرْفُ صبري قدْ كبا |
والدَّهرُ قد كَشَف القِناع فلَمْ يَدَعْ |
لي عُدَّة ً للرَّوع إلا أذْهبا |
صَرَفَ العِنانَ إليَّ غير مُقَصّرٍ |
عنّي وأثْبَتَ دُون ثَغْرتي الشَّبا |
خطْبٌ تأوّبني يضيق لهوْلِه |
رَحْبُ الفَضا وتهي لموْقِعهِ الرُّبا |
لو كان بالوُرْقِ الصَّوادِحِ في الدُّجى |
ما بي لَعَاق الوُرْق عنْ أنْ تَنْدُبا |
فأنَرَتْ مِنْ ظلْماء نفسي ما دجا |
وقَدَحْتَ مِنْ زِنْدِ اصْطباري ما خَبا |
فكأنني لَهَبَ الهجيرُ بمُهْجتي |
في مَهْمَه وبعثتَ لي نَفَس الصَّبا |
لا كانَ يوْمُكَ يا طريفُ فطالما |
أطْلَعْت للآمال بَرْقاً خُلَّبا |
وَرَمَيْتَ دينَ الله مِنْكَ بفادِح |
عَمَّ البسيطَة َ مَشْرِقاً أو مَغْرِبا |
وخَصَصْتَني بالرُّزْء والثُكْل الذي |
أوْهى القُوَى منّي وهَدّ المَنْكِبا |
لا حُسْن للدُّنيا لديَّ ولا أرَى |
في العَيْشِ بعدَ أبي وصِنْوي مأرَبا |
لولا التَّعَلُّلُ بالرّحيل وأننا |
نُنْضي من الأعمال فيها مَرْكَبا |
فإذا ركَضْنا للشَّبيبة ِ أدْهُما |
جالَ المشيبُ به فأصْبَح أشْهَبا |
والمُلْتَقَى كَثَبٌ وفي وِرْدِ الرّدَى |
نَهَلَ الورَى من شاء ذلك أوْ أبا |
لَجَرَيْتُ طوْعَ الحُزْنِ دُون نهاية ٍ |
وذَهَبْتَ من خَلْعِ التَّصَبُّرِ مَذْهبا |
والصّبرُ أولى ما اسْتكانَ لَهُ الفَتَى |
رُغْماً وحَقًّ العبدِ أن يتأدّبا |
وإذا اعْتَمَدْتَ الله يوماً مَفْزَعا |
لمْ تُلْف منه سِوى إليه مَهْرَبا |