بشرى يقوم لها الزمان خطيبا لسان الدين الخطيب

بُشرى يقومُ لها الزّمانُ خطيبا

وتأرَّج الأفاقُ منها طيبا

هذا طلوعُ فتوحِكَ الغرِّ التي

ما كانَ طالعُ سعدِها لِيغيبا

أظهرْتَ دينَ الله في ثُغْر العِدا

وقَهَرْت تمثالاً به وصليبا

وذعرْتَ بالجيش اللُّهام بلادَها

ملء الفضا ملأَ القلوبَ وجيبا

جيشٌ يرى تعبَ المفاوِزِ راحة ً

والسَّهلَ صعباً والبعيدَ قَريبا

شَرِقت ثغورُ الدين منهُ بغُصَّة ٍ

ولقينَ منه حوادثاً وخُطوبا

ومتى سَرْت للمُسْلمينَ سرية ٌ

أبدى لها التَّحذيرَ والتَّأليبا

حتى إذا استشْرى وأعضَلَ داؤُه

شَكَتِ الثغورُ به فكُنْت طَبيبا

وإذا أرادَ الله بُرء زمانة ٍ

لم تعْدُ ميقاتاً لها مكْتوبا

لله يومُ الفتحِ منه فإنَّه

يومٌ على الكفار كان عَصيبا

فتحٌ تفتَّحت المنى عن زهرِهِ

وافترَّ ثغر الدَّهر عنه شنيباً

حفَّت به راياتُك الحُمرُ التي

قادتْ إليه قبائلاً وشعوبا

وتعلَّقت بهم الرجالِ بصورِهِ

فتخالُ في شُرفاتهِ يَعسوبا

وحفَتْ به عوجُ القسيِّ ضلوعَها

تغتالُ فيه جوانِحاً وقُلوبا

فكأنَّما قُزحٌ حنتْ أقواسَهُ

أيدي الغمامِ وأمطرَت شُؤبوبا

ورَأى المنيَّة ربُّهُ وهفا إلى

طلبِ الأمانِ فقيلَ لا تثريبا

وإذا أمرؤٌ ألقى إليك قيادَهُ

ورجاكَ أدركَ حِلمَك الموهوبا

من بعْدِ ما قعَدَتْ به أنصارُهُ

رهباً وأبصرَ وعدهُمْ مكذوبا

وتبلْبَلَت بالليلِ ألسُنُ نارِهِ

تصِلُ الصُّراخ فما لقينَ مجيبا

ولو أنهم جاشوا إليكَ وجمَّعوا

أقصى تُخومهمُ صباً وجَنوبا

غادوْتهُم صرعى على عفرِ الثرى

وملأتَ أرضهُمُ بُكاً ونَحيبا

وتركْتَ كلَّ مثقفٍ متقصِّدا

فيهم وكل مهندٍ مخضوبا

بعصابَة ٍ يمنيَّة مهما انتمتْ

في العُرب كان لها الحُسامُ نَسيبا

ألبسْتَ ملكَ الرومِ عارا باقياً

وكسوتَ غمَّا وجههُ وقُطوبا

فاستقبِلِ الملكَ المؤيّدَ خالداً

والدهر غضا والزمانَ قشيبا

واهنأ أبا الحجاجِ بالفتح الذي

يُهدي إليك من الفُتوح ضُروبا

وانعم بموقعِهِ الجميلِ فإنه

يُشَجي عدوا أو يسرُّ حبيبا

والدَّهر محتفِلٌ لملككَ محتفٍ

يُبدي على أثرِ العجيبِ عجيبا