إذا طلعَ البدرُ المنيرُ عشاءً |
رأيتَ لهُ في المحدثاتِ ضياءَ |
وليسَ لهُ نورٌ إذا الشمسُ أشرقتْ |
وقد كان ذاك النورُ منه عشاء |
فما النورُ إلا من ذكاءٍ لذاكَ لمْ |
يكن يغلب البدرُ المنير ذكاء |
فإنَّ لها محلين في ذاتها وفي |
صِقالة ِ جسمٍ غدوة ً ومساء |
ألمْ ترَ أنَّ البدرَ يكسفُ ذاتَها |
إذا كانَ محقاً غيرة ً ووفاءض |
ولكن عن الأبصار والشمسُ نورها |
بِها لمْ يزلْ يُعطي العيونَ جَلاءَ |
وإدراكيَ المرئيَّ بيني وبينها |
وقدْ جعلَ اللهُ عليهِ غِطاءَ |
وهذا من العلمِ الغريبِ الذي أتى |
إليكمْ بهِ الكشفُ الأتمُّ نداءَ |
وكلُّ دليلٍ جاءكمْ في معاندِ |
يخالفُ قولي فاجعلوهُ هباءَ |
خُصصتُ بهذا العلم وحدي فلم أجد |
لهُ ذائقاً حتَّى نكونَ سواءَ |
وبالبلدِ الجدباً طعمْتُ مذاقَهُ |
لذا لم أجدْ عنْ ذا المذاقِ غناءَ |
أتاني بهِ أحوى ولمْ يأتني بهِ |
إذا سالَ وادٍ بالعلومِ غثاءَ |
فزدتُ به لُطفاً وعلماً ولم أزد |
بهِ في وجودي غلظة َ وجفاءَ |
وأعلمنَي فيهِ بأنَّ مهيمني |
معي مثله فابنوا عليه بناء |
علياً رفيعاً ذا عماد وقوّة |
بلا عمدٍ حتّى يكونَ صماءَ |
مزينة بالأنجم الزهرِ واجعلوا |
قلوبكمُ فرشاً لها وغطاء |
فيغشاكمُ حتى إذا ما حملتمُ |
بدت زينة ٌ تعطي العيونَ رواء |
معطرة َ الأعرافِ معلولة ً للحمى |
يمدُّ بها كوني سناً وسناءَ |
ليعجز عن إدراكه كلّ ذي حجى |
ويقبلُه منهُ حياً وحياءض |
سينصرُنُا هذا الذي قدْ سردتُهُ |
إذا كشفَ الرحمن عنك غطاء |