لولا لبانة موسى النور ما انقلبا محي الدين بن عربي

لولا لبانة موسى النور ما انقلبا

نارا وما أحرقت نبتاً وما التهبا

فاحذر فديتك إنّ الأمر ذو خدع

يريكَ مضطجعاً من كانَ منتصبا

لقدْ تحرَّكَ للرائينَ في صورٍ

شتى وما صدق الرائي وما كذبا

كقولهِ ما رمى منْ قدْ رمى ومضى

في أفقه طالعاً لقطاً وما غربا

وظلَّ يطلبُه في كلِّ شارقة ٍ

بيضاءَ من حرقٍ عليهِ ملتهبا

ليسَ التعجبُ من خيرٍ نعمتَ بهِ

لكنه من عذابٍ فيه قد عذبا

إنَّ المعارفَ أنوارٌ مخبرَة ٌ

من عنده تُخرقُ الأستارُ والحُجُبا

إنَّ اللبيبَ كذي القرنين شيمتُهُ

ما ينقضي سببٌ إلا ابتغى سببا

إذا انتهى حكمُهُ في نفسِ صاحبِهِ

يريكَ في كونِهِ من أمرهِ عجبا

فتبصرُ الفضة َ البيضاءَ خالصة ً

عادتْ بصنعتهِ المثلى لنا ذهبا

كما يصيرُ عينَ الشمسِ في نظري

من أيمن الطورِ في وادٍ به لهبا

لقدْ تحوَّلَ لي منْ عينِ صورتِهِ

بغيرِ صورتِهِ فيما بهِ ذهبا

فكنتُ أطلبُهُ والعينُ تشهدُهُ

ولستُ أعرفه لما به احتجبا

فقلتُ هذا أنا فقالَ ها أنا ذا

فقلتُ منْ قالَ لي لا تتركِ الطَّبا

والله لو نظرتْ عيناك من نظرتْ

لما رأتْ غيرنا فلتلزمِ الأدبا

ولستَ تنظره إلا بنا فعسى

تقولُ حالَ عليهِ النومُ قدْ غلبا

حديثُ نفسي بنفسي والحديث أنا

كالفردِ يضربهُ فيهِ الذي ضربا

فلا تضاعفهُ ولا تعدِّدهُ

لأنه عينُه أكرم به نسبا