أي نـجوى مـخضلة الـنعماء
|
رددتـهـا حـناجر الـصحراء
|
سمعتها قريش فا نتفضت غضبى
|
وضـجـت مـشبوبة الأهـواء
|
ومـشت في حمى الضلال إلى
|
الـكعبة مـشي الطريدة البلهاء
|
وارتـمت خـشعة عـلى اللات
|
والعزى وهزت ركنيهما بالدعاء
|
وبـدت تـنحر الـقرابين نحرا
|
فـي هـوى كـل دمية صماء
|
وانـثنت تضرب الرمال اختيالا
|
بـخـطى جـاهـلية عـمياء
|
عـربدي يا قريش وانغمسي ما
|
شـئت فـي حمأة المنى النكراء
|
لـن تزيلي ما خطه الله للأرض
|
ومـا صـاغه لـها مـن هناء
|
شـاء أن يـنبت النبوة في القفر
|
ويـلقي بـالوحي مـن سـيناء
|
فـسلي الربع ما لغربة عبد الله
|
تـطوى جـراحها فـي العزاء
|
مـا لأقـيال هاشم يخلع البشر
|
عـلـيها مـطـارف الـخيلاء
|
انـظريها حـول الـيتيم فراشا
|
هـزجا حـول دافـق الـلالاء
|
وأبـو طالب على مذبح الأصنام
|
يـزجي لـه ضـحايا الـفداء
|
هـو ذا أحمد فيا منكب الغبراء
|
زاحــم مـنـاكب الـجوزاء
|
بـسم الـطفل للحياة وفي جنبيه
|
ســر الـوديـعة الـعصماء
|
هـب مـن مـهده ودب غريبَ
|
الـدار فـي ظـل خيمة دكناء
|
تـتبارى حـليمةٌ خـلفه تـعدو
|
وفـي ثـغرها افـترار رضاء
|
عـرفت فيه طلعة اليمن والخير
|
إذا أجـدبـت ربــى الـبيداء
|
وتـجلى لـها الـفراق فاغضت
|
فـي ذهـول وأجـهشت بالبكاء
|
عــاد لـلـربع أيـن آمـنةٌ
|
والحب والشوق في مجال اللقاء
|
ما ارتوت منه مقلة طالما شقت
|
عـلـيه سـتـائر الـظـلماء
|
يـا اعـتداد الأيتام باليتم كفكف
|
بـعـده كـل دمـعة خـرساء
|
أحـمد شـب يـا قريش فتيهي
|
في الغوايات واسرحي في الشقاء
|
وانفضي الكف من فتى ما تردى
|
بــرداء الأجــداد والآبـاء
|
أنـت سـميته الأمين وضمخت
|
بـذكـراه نــدوة الـشـعراء
|
فـدعي عـمه فـما كان يغريه
|
بـما فـي يـديك مـن إغراء
|
جاءه متعب الخطى شارد الآمال
|
مـابـيـن خـيـبة ورجــاء
|
قال هون عنك الأسى يابن عبد
|
الله واحـقن لـنا كـريم الدماء
|
لا تـسفه دنـيا قـريش تبوئك
|
مــن الـمـلك ذروة الـعلياء
|
فـبكى أحمد وما كان من يبكي
|
ولـكـنـها دمــوع الإبــاء
|
فـلـوى جـيده وسـار وئـيدا
|
ثـابت الـعزم مـثقل الأعـباء
|
وأتـى طـوده الـموشح بالنور
|
وأغـفى فـي ظـل غار حراء
|
وبـجفنية مـن جـلال أمـانيه
|
طـيـوف عـلـوية الإسـراء
|
وإذا هـاتف يـصيح بـه اقرأ
|
فـيـدوي الـوجود بـالأصداء
|
وإذا فـي خـشوعه ذلك الأمي
|
يـتـلـو رسـالـة الإيـحـاء
|
وإذا الأرض والـسـماء شـفاه
|
تـتـغنى بـسـيد الأنـبـياء
|
جـمعت شـملها قريش وسلت
|
لـلأذى كـل صـعدة سـمراء
|
وأرادت أن تنقذ البغي من أحمد
|
فــي جـنـح لـيـلة لـيلاء
|
ودرى سـرها الـرهيب عـلي
|
فـاشتهى لـو يكون كبش الفداء
|
قـال : يـا خاتم النبيين أمست
|
مـكـة دار طـغـمة سـفهاء
|
أنـا بـاق هـنا ولـست أبالي
|
مـا ألاقـي من كيدها في البقاء
|
سـيروني على فراشك والسيف
|
أمـامـي وكـل دنـيا ورائـي
|
حـسبي الله فـي دروب رضاه
|
أن يــرى فـيّ أول الـشهداء
|
فـتـلقاه أحـمد بـاسم الـثغر
|
عـليما بـما انطوى في الخفاء
|
أمـر الـوحي ان يـحث خطاه
|
فـي الـدجى لـلمدينة الزهراء
|
وسـرى واقـتفى سراه أبو بكر
|
وغـابا عـن أعـين الـرقباء
|
وأقـاما في الغار والملأ العلوي
|
يـرنـو إلـيـهما بـالـرعاء
|
وقـفت دونـه قـريش حيارى
|
وتـنزهت جـريحة الـكبرياء
|
وانـثنت والرياح تجار والرمل
|
نـثير فـي الأوجـة الـربداء
|
هـللي يـا ربـا المدينة واهمي
|
بـسـخي الأظـلال والأنـداء
|
واقـذفـيها الله أكـبـر حـتى
|
يـنتشي كـل كـوكب و ضاء
|
واجمعي الأوفياء إن رسول الله
|
آت لـصـحـبة الأوفــيـاء
|
وأطـلّ النبي فيضا من الرحمة
|
يـروي الـظماء تـلو الـظماء
|