لكَ الحمْدُ مهْما استطالَ البلاء ومهما استبدَّ الألمْ، لكَ الحمدُ، إنَّ الرزايا عطاءْ وإنَّ المصيباتِ بعضُ الكَرمْ. ألَمْ تُعْطِني أنْتَ هذا الظَّلامْ وأعطيْتني أنتَ هذا السَّحَرْ ؟ فهلْ تشكُرُ الأرضُ قطْرَ المطَرْ وتغضبُ إنْ لمْ يجُدْها الغَمامْ ؟ شهورٌ طِوالٌ وهذي الجِراحْ تُمزِّقُ جنبيَّ مثلَ المُدى ولا يهْدأُ الدَّاءُ عندَ الصباحْ ولا يمسحُ الليْلُ أوْجاعَهُ بالرّدى ولكنَّ أيوبَ إنْ صاحَ صاحْ: "لكَ الحمْدُ، إنَّ الرزايا ندى، وإنَّ الجراحَ هدايا الحبيبْ أضمُّ إلى الصَّدْرِ باقاتِها، هداياكَ في خافقي لا تغيبْ، هداياكَ مقبولةٌ . هاتِها!" أشُدُّ جراحي وأهتفُ بالعائدينْ: "ألا فانظروا واحسدوني ، فهذي هدايا حبيبي" وإنْ مسَّتِ النارُ حُرَّ الجبينْ توهَّمتُها قُبلةً منكَ مجبولةً من لهيبِ جميلٌ هو السُّهْدُ أرعى سماكَ بعيْنيَّ حتَّى تغيبَ النجومْ ويلمسَ شباكَ داري سناكْ. جميلٌ هو الليلُ: أصْداءُ بومْ وأبواقُ سيّارةٍ منْ بعيدْ وآهاتُ مرْضى، وأُمٌّ تُعيدْ أساطيرَ آبائها للوليدْ وغاباتُ ليْلِ السُّهادِ، الغيومْ تُحجِّبُ وجهَ السماءْ وتجلوهُ تحتَ القمرْ. وإنْ صاح أيوبُ كان النداءْ: "لكَ الحمدُ يا رامياً بالقدرْ ويا كاتباً ـ بعدَ ذاكَ ـ الشفاء!".
|