أراك بشكوى الهجر تهذوا وتطنب |
وتبكي على أطلال سلمى وتندب |
وتستوقف الركب المجدين في السرى |
على دارس الأطلال والدمع يسكب |
تذكرت لما أن أهاج لك الأسى |
ديارا تعفيها جنوب وهيدب |
فأضحت رسوما باليات كأنها |
من الدرس خط في الصحائف يكتب |
محا رسمها ذارى الرياح وهامع |
من المزن سحا ودقه يتحلب |
فلم يبق إلا موقد النار للقرى |
وموضع أطناب الخبا حين يضرب |
كأن لم يكن فيها أنيس ولم تكن |
بها الكاعب الحسناء للذيل تسحب |
ولم تسرح الأنعام بين مروجها |
ولم يلتق الحيان بكر وتغلب |
تسائل عن ألف نأى كل راكب |
وما صاحب الأشجان إلا معذب |
لريح الصبا تصبو وتعروك هزة |
إذا ذكرت سعدى لديك وزينب |
وتعجب مني إن عذلتك في الهوى |
وعشقك بعد الشيب في النفس أعجب |
لئن كنت في دار عن الألف نازحا |
غريبا فدين الله في الأرض أعزب |
وإن ذوي الإيمان والعلم والنهى |
هم الغربا طوبى لهم ما تغربوا |
أناس قليل صالحون بأمة |
كثيرين لكن بالضلالة أشربوا |
وقيل هم النزاع في كل قربة |
على حربهم أهل الضلال تحزبوا |
ولكن لهم فيها الظهور على العدا |
وإن كثرت أعداؤهم وتألبوا |
وكم أصلحوا ما أفسد الناس بالهوى |
من السنة الغرا فطابوا وطيبوا |
وقد حذر المختار عن كل بدعة |
وقام بذا فوق المنابر يخطب |
فقال عليكم باتباعي وسنتي |
فعضوا عليها بالنواجذ وارغبوا |
وإياكم والإبتداع فإنه |
ضلال وفي نار الجحيم يكبكب |
فدوموا على منهاج سنة أحمد |
لكي تردوا حوض الرسول وتشربوا |
فإن له حوضا هنيئا شرابه |
من الدر أنقى في البياض وأعذب |
له يرد السنى من حزب أحمد |
وعنه ينحى محدث ومكذب |
وكم حدثت بعد الرسول حوادث |
يكاد لها نور الشريعة يسلب |
وكم بدعة شنعاء دان بها الورى |
وكم سنة مهجورة تتجنب |
لذا أصبح المعروف في الأرض منكرا |
وذو النكر معروف إليهم محبب |
وما ذاك إلا لاندراس معالم |
من العلم إذ مات الهداة وغيبوا |
وليس اغتراب الدين إلا كما ترى |
فسل عنه ينبيك الخبير المجرب |
وقد صح أن العلم تعفو رسومه |
ويفشو الزنا والجهل والخمر يشرب |
وتلك امارات يدل ظهورها |
على أن أهوال القيامة أقرب |
فسل فاعل التذكير عند أذانه |
أهذا هدى أم أنت بالدين تلعب |
وهل سن هذا المصطفى في زمانه |
أو الخلفا أو بعض من كان يصحب |
وهل سنة من كان للصحب تابعا |
إذا قام للتأذين يوما يثوب |
وهل قال النعمان أو قال مالك |
به أو رواه الشافعي وأشهب |
وهل قاله سفيان أو كان أحمد |
إليه إذا نادى المؤذن يذهب |
أقيموا لنا فيه الدليل فإننا |
نميل إلى الإنصاف والحق نطلب |
فخير الأمور السالفات على الهدى |
وشر الأمور المحدثات فجنبوا |
وما العلم إلا من كتاب وسنة |
وغيرهما صريح مركب |
فخذ بهما والعلم فاطلبه منهما |
ودع عنك جهالا عن الحق أضربوا |
خفافيش أعشاها النهار بضوئه |
فوافقها من ظلمة الليل غيهب |
فظلت تحاكي الطير في ظلمة الدجا |
وإن لاح ضوء الصبح للعش تهرب |
فخذ إن طلبت العلم عن كل عالم |
تراه بآداب الهدى يتأدب |
لأهل السرى تهدى النجوم علومه |
وترمى العدا من شهبها حين تثقب |
فلازمه واستصبح بمصباح علمه |
لتخلص من جسر على النار يضرب |
وقاتل بسيف الوحي كل معاند |
فليس له من نبوة حين تضرب |
وإياك والدنيا الدنية أنها |
لغرارة تعطى القليل وتسلب |
فذو الجهل مغرور بزور جمالها |
وذو العلم فيها خائف يترقب |
فدعها وسل النفس عنها بجنة |
بها كل ما تهوى النفوس وتطلب |
مساكنها صافي اللجين وعسجد |
وتربتها من اذفر المسك أطيب |
وكم كاعب حسناء في الخلد نعمت |
يزوجها من كان للأجر يكسب |
فسارع لما يرضى الإله بفعله |
ودع كل شيء كان لله يغضب |
وما المرء بعد الموت إلا منعم |
بروح وريحان وإلا معذب |
ودونك من در القريض قصيدة |
تكاد لها الحذاق بالتبر تكتب |
أتتك من الإحساء ترفل في الحلى |
وتختال في برد الشباب وتعجب |
بها ينشط الساري إذا جد في السرى |
ويصبو لها الصب المعنى ويطرب |
بدت من بصير بالقوافي يصوغها |
وينظم منها درها حين يثقب |
تغطى بأثواب الخمول عن الورى |
إلى أن يرى كفوا له الدر يجلب |
وختم نظامي بالصلاة مسلما |
مدى الدهر ما دامت معد ويعرب |
على خاتم الرسل الكرام محمد |
به طاب ختم الأنبياء وطيبوا |
كذا الآل والصحب الأولى بجهادهم |
أضاء بدين الله شرق ومغرب |