أتنكر رسم الدار أم أنت تعرف |
لدن قمت بالأطلال والعين تذرف |
ديار لسلمى قد محا رسمها البلا |
وغيرها وبل من المزن ينظف |
كأن لم تكن مغنى لبيض أو أنس |
بهن غزال أحور الطرف أهيف |
فتاة كأن البدر غرة وجهها |
سوى أنه حينا إذا أتم يكسف |
ترى الصبح يبدو نوره من جبينها |
وفي شعرها جنح من الليل يعكف |
وقد يقد العاشقين قوامه |
كمثل قضيب البان بالريح يعطف |
وطرف سقيم اللحظ كم أسقمت به |
محبا نحيفا جسمه فهو مدنف |
وأنف كحد المشرفي حمت به |
رحيق رضاب طيب حين يرشف |
فما بال من لا يعرف الوجد والهوى |
يلوم على وجدي بها ويعنف |
كما لام والي المسلمين سفاهة |
على نصره الإسلام من ليس ينصف |
وتحذيره الأعراب أن يسفكوا الدما |
وأن ينهبوا الأموال أو يتخطفوا |
فكم أفسدوا في الأرض بعد صلاحها |
وكم سفكوا الدم الحرام وأسرفوا |
وكم قد أغاروا في الدروب وكم عثوا |
وكم قطعوا سبل الحجيج وخفوا |
فقال ادخلوا في السلم طرا وأسلموا |
وإلا فحرب وعده ليس يخلف |
وأقسم لا نعطي على ديننا الرشا |
وما عندنا إلا حسام ومصحف |
فمن لم يقومه الكتاب أقامه |
حدود الضبا والسمهري المثقف |
فهل يستقيم الدين إلا بدعوة |
إلى الله يتلوها سنان ومرهف |
وقد فرض الله الجهاد على الورى |
لمن كان عن نهج الشريعة يصدف |
وقد كان يبدي الحلم والصفح عنهم |
ويعطيهم الأموال كي يتألفوا |
فلما أبوا إلا الخلاف تمردا |
رماهم بما يؤذي النفوس ويتلف |
بجيش لهام حشوه الخيل والقنا |
تهب رياح الموت منه وتعصف |
يقودهم شبل الإمام وأنه |
لبالجود والإقدام والمجد يوصف |
وأما إمام المسلمين فإنه |
لمسعر حرب بالمساكين يرأف |
صفوحا عن الجاني وإن كان مجرما |
سؤلا عن العاني به يتلطف |
وينصر أهل الدين والعلم والحجى |
ويكرمهم بالمكرمات ويتحف |
مطاياه في غزو العدو مشيحة |
عطايا تزري بالكنوز وتجحف |
هو البحر ينتاب العطاش وروده |
وكل امرىء يروي المزاد ويعرف |
فاسيافه من خصمه تزعف الدما |
وأقلامه بالبذل والجود ترعف |
لقد أتعب الكتاب كتب صكاكه |
فكدت على أقلامهم أتخوف |
ودونك من نظم القريض قصيدة |
وجيزة لفظ باللآلي ترصف |
أتتك من الإحساء بكر خريدة |
تميس وخمر التيه يثنى ويعطف |
يعطر رياها سدوسا وبرة |
وسامعها من روضها الزهر يقطف |
وأزكى صلاة الله ثم سلامه |
على من به ختم النبوة يعرف |
كذا الصحب ما غنى حمام مطوق |
فجاوبه ورق على الدوح يهتف |