شكرت يديك يد المقل الأمل ابن مشرف

شكرت يديك يد المقل الأمل

لنوالها الجم الغفير الأجزل

منن رقيت بها إلى فلك العلا

حتى قعدت على السماك الأعزل

ولبست من تقوى الإله ملابسا

والدين أفضل حلية المتجمل

ففتحت للدين الحنيفي أعينا

وكفت سحائبها بدمع مسبل

ضحكت نواجذه وأصبح وجهه

بعد التعبس مشرقا بتهلل

لما أقمت فروضه وحدوده

تجدود مرهفة وسمر ذبل

حللت اخلاط الردى فسمي الهدى

وحللت عقدة كل خطب مشكل

ودعائما أرسيتها بعزائم

للملك بعد تحرك وتزلزل

ما راعك الخطب الذي قد شابهت

أيامه ظلمات ليل اليل

لكن جليت ظلامه بلوامع

ويسهم عزم كالشهاب المرسل

سيان حالك في المسرة والأسى

جلدا وذا شأن اللبيب الأكمل

ما جاش جاشك في الحوادث إذ دهت

في فتنة تغلى كغلي المرجل

أذكى الجهول ضرامها لسفاهة

كي يستضيء بنورها فبها صلى

قطع الذي أمر الإله بوصله

فلأجل ذا أسبابه لم توصل

وجنى على الإسلام شر جناية

فأقر عين أخي النفاق المبطل

فأحل منتهكا لحرمة مسلم

ملك فعوقب بالعقاب الأعجل

طلب العلو ببغيه وبظلمه

جهلا فرد إلى الحضيض الأسفل

ولأجل نصرة نفسه بذل القوى

ولكن من خذل المهيمن يخذل

حتى إذا ملك الخزائن واستوى

جهرا على القصر المشيد الأطول

ملأ الإله فؤاده وصحابه

رعبا وصاح به القضاء الا انزل

لا تحسب الملك القصور وما حوت

من آلة للحرب أو متمول

بل مالك الملك الإله وأنه

جعل الخلافة في الإمام الأعدل

جمع الإله له القلوب فأجمعت

كل النفوس على إمامة فيصل

وانقاد كل المسلمين لأمره

طوعا وتلك مواهب المتفضل

حتى إذا حدق الخميس بمن بغي

حنقا وجدبه الذي لم يهزل

عض على طرف البنان وقال من

فرط الأسى يا ليتني لم أفعل

فهناك أيقن أن أنجم سعده

أفلت وطالع نحسه لم يأفل

وهناك أسلمه الحكيم إلى البلى

لما طغى وأطاع كل مضلل

في الظلم والعدوان والفعل الذي

أضحى عن الشرع الشريف بمعزل

ودهاه ما صنع الإله لعبده

من ذلك الفتح المبين الأعجل

فرأى التحصن مانعا هيهات أن

تغني الحصون عن القضاء المنزل

فأتاه بأس الله داخل حصنه

مع صاحبيه فلم يروا من موئل

فغدوا حصيدا للسيوف وللقنا

صرعاء بين مجرح ومجندل

وسقى بما أسقت يداه حميمه

كأسا أمر مذاقه من حنظل

وأهالها من وقعة أبقت لنا

عبرا لكل مفكر متأمل

تنبيك أن الظلم أشأم طائر

والبغي أسرع صارع ومخذل

وتريك شؤم قطيعة القربى فلن

يقطع حبال قريبه لم يمهل

فلقد بلغت من العدى يا فيصل

أقصى مناك ونلت كل مؤمل

فاحمد إلهك إذا أنالك ملكه

وحباك بالنصر العزيز الأجمل

وسقاك صفو الملك بعد كدورة

فنهلتنا من عذاب ذاك المنهل

فاحفظ فواضله بواجب شكره

أن الشكور لفي مزيد تفضل

وراع الرعية وما وليت أمورها

بإقامة العدل السوي الأمثل

فالعدل تحكيم الشريعة في الورى

حقا فما عن عدلها من معدل

وسياسة الشرع الشريف هي التي

جمعت لكل طريق عدل أسهل

فأقم بها عوجا الأمور معالجا

فهي الدواء لكل داء معضل

واجعل بطانتك الخيار ذوي النهى

واحذر مخالطة السفيه الأرذل

كم دولة فسدت بآراء العدى

إذ لاطفوا قاداتها لتحيل

لا تستشر إلا لبيبا ناصحا

بالعقل يختبر الأمور ويجتلي

فلرب ذي نصح يظن بنصحه

ولرب آخر ناصح لم يعقل

وإذا هما اجتمعا لشخص واحد

فأقبل جميع مقاله لا تهمل

واسيء ظنونك في الزمان فإنه

من فطنة الرجل النبية الأنبل

ما حسن ظن في الزمان وأهله

إلا سجية إبله ومغفل

زمن به فقد الأمانة والوفا

والصدق كالعنقاء غير محصل

وتوكلن على الإله فإنه

نعم الوكيل لعبده المتوكل

هذي نفائس فكرة قد صغتها

ببديع نظم كالزلال السلسل

لازلت كهفا للعفاة ومربعا

للوافدين وللضيوف النزل

فاجعل جوائزها التجاوز والرضى

صفحا وقابلها بحسن تقبل

ثم الصلاة على النبي محمد

والآل مع صحب هداة كمل