مَتى يَشتَفي هذا الفؤاد المتَيَّمُ
|
ويقضي لباناتِ الهوى فيك مُغْرَمُ
|
أبيتُ أداري الوجد فيك صبابة ُ
|
وأسهرَ ليلي والخليّون نوَّمُ
|
أجيب دواعي الشوق حيث دعونني
|
وإن أكثرتْ لومي على الحبّ لوَّمُ
|
وأهرقُ من عينيَّ ماء مدامِع
|
وفي القلب منّي لوعة تتضرّم
|
وأشكو إليك الشوق لو كنتَ سامعاً
|
ومن لي بمشكوٍّ يرقُّ ويرحم
|
إلام أذيعُ الوجد عندك أمره
|
وأظهر ما أخفي عليك وأكتمُ
|
أعلِّلُ نفسي في تدانيك ضلّة
|
وما هو إلاّ من ذؤابة هاشم
|
ولي حسرة ما تنقضي وتلهُّفُ
|
ومن مرسلاتِ الدّمع فذٌ وتوأم
|
وللصَّب آياتٌ تدلُّ على الهوى
|
تصرِّح أحياناً به وتجمجم
|
وليلٍ أقاسيه كأنَّ نجومه
|
غرانيقُ في مَوج من اليَمِّ عُوَّمُ
|
بمعترك بين الأضالع والحشا
|
ينازلني للهمَّ جيش عرمرمُ
|
كأنّ بصدري من تباريح ما رأى
|
صدورَ العوالي، والقنا المتحطم
|
أمَضَّ بأحشائي غرامٌ مبرِّحٌ
|
وأعضلَني داءٌ من الوجد مؤلم
|
عَدَتْك العوادي إنّما هي زفرة
|
تطيش بأحناء الضلوع وتحلم
|
لقد بَرَّحَت بي وهي في بُرَحائها
|
سواجع في أفنانها تترنم
|
تعيد علينا ما مضى من صبابة
|
وتملي أحاديث الغرام فنفهم
|
ولم أنسَ لا أنسى الديار التي عفتْ
|
طلول لها تشجي المشوق وأرسمُ
|
وقوفاً عليها الركب يقضُون حقّها
|
كأنَّهم طيرٌ على الماء حوّم
|
تذكّرنا ما كانَ في زمن الصّبا
|
إن طال فيها عهدها المتقدّم
|
وعيشاً قضيناه نعيماً ولذَّة
|
هو العيش إلاّ أنَّه يتصرّم
|
خليليَّ ما لي كلّما عن ذكرهم
|
وجئ بأخبارِ الأناشيد عنهمُ
|
أكفكفُ من عيني بوادرَ عبرة
|
وأبكي لبرقٍ شمته يتبسَّم
|
رعى الله جيراناً مُنيتُ بحبّهم
|
أحَلُّوا دمي في الحبّ وهو محرّم
|
رَعَيْتُ بهم رَوض المحبّة يانعاً
|
وحكّمْتُهم في مُهجتي فتحكّموا
|
ألا في مجيري يالقومي ومسعدي
|
على ظالمٍ في حكمه يتظلّم
|
هم أعوَزُوني الصَّبرَ بعد فراقهم
|
وسار فؤادي حيث ساروا ويمموا
|
بنفسي الظعون السائرات كأنها
|
بدور تداعت للمغيب وأنجم
|
إذا زُحزحت عنها اللئام عشية ُ
|
أضاء بها جنح من الليل مظلم
|
أيزعم واشي الحب أني سلوتهم
|
ألا ساء واشي الحب ما يتوهم
|
خلا عصرنا هذا من الناس فارتقب
|
أناسا سواهم تحسن الظن فيهم
|
وما بعد سليمان النقيب من امرئ
|
ببغداد من يُعزى إليه التكرُّم
|
بذي طلعة تنبيك سيماؤها العلى
|
ويصدق فيها القايف المتوسم
|
عليه وقارٌ ظاهرٌ وسكينة ٌ
|
يُمثّلُ رضوى دونَها ويَلَمْلَم
|
من السادة الغرِّ الميامين سيّد
|
أعزُّ بني الدنيا وأندى وأكرمُ
|
وما هو إلاّ من ذؤابة
|
هو الرأس فيهم والرئيس المقدم
|
تناخُ لديه للمطامع أنيقٌ
|
إذا حثحثَ لاركبُ المطيَّ ويمَّموا
|
فما دون هذا الشهم للوفد مقنع
|
ولا عبده في البّر للناس مغنم
|
لنا من أياديه وشاملُ فضله
|
مواهبُ تَتْرى من لدنه وأنْعُم
|
تَصَدَّر في دَسْتِ النقابة سيّداً
|
وما لسواه في الصدور التقدم
|
نَهُزُّ معاليه لكلِّ مُلمَّة ٍ
|
كما هُزَّ للطَّعنِ الوشيجُ المقَوَّم
|
وما زال كالسّيف المهنَّد يُنتضى
|
عرا كلِّ خطبٍ في غراريه تفصم
|
تمسَّكتُ بالحيل الذي منه لم يرمْ
|
بحادثة ِ الدنيا ولا يتصرم
|
وفي كل يوم من أياديه نعمة
|
مكارمُ تُسْتَوفى ورزقٌ يقسَّم
|
فلِلفضلِ في أيّامه البيض موسمٌ
|
وللجُودِ منه والمكارم موسم
|
بطلعتِه نستطلع الشمسَ في الضحى
|
ويَنجابُ من ليل الخطوب التجهُّم
|
وذي همة ٍ أمضى من لاسّيف حدُّها
|
لأظفار أحداثِ الزمان تقلّم
|
تطير بذكراه القوافي شوارداً
|
فتنجدُ في أقصى البلاد وتُتْهم
|
أبا مصطفى لم أرو مدحَك لامرىء
|
من الناس ألاّ قال هذا مسلَّم
|
لتهنا قريشٌ حيث كنتَ زعيمَها
|
تبجَّل في أشرافها وتعظَّم
|
ومن كان عبد القادر الشيخ جدّه
|
فماذا يقول المفصِحُ المتكلم
|
وكم نعمة ٍ أوليتني فشكرتها
|
ولو لم يَفُه منّي لسانَ ولا فم
|
فما ساغ لي إلاّ بفضلك مشربٌ
|
ولا لذّ لي إلاّ بظلِّك مطعم
|
لكلّ امرىء ٍ حظٌّ لديك من الندى
|
فلا أحدٌ من نيل جدواك يحرم
|
إليكَ ولا منٌّ عليك قوافياً
|
بأوصافك الحسنى تصاغُ وتنظمُ
|
إذا أفصَحَتْ عن كنه ذاتك غادرت
|
حسودك في إعرابها وهو أبكم
|
ومنك ثرائي حيث كنتُ وثروتي
|
وما زال يثرى في نوالك معدم
|
رأيتُ بك الدنيا كما شئت طلقة
|
وعيشي لولا شهدُ جودك علقم
|
خَدَمْتُك بالمدح الذي أنت أَهْلُه
|
ومثلك يا مولايَ بالمدح يُخدَم
|
أرى الشعر إلاّ فيك ينقص قدره
|
وديناره في غير مدحك درهم
|
ونثني عليك الخير في كل ساعة ٍ
|
ونبتدئ الذكرَ الجميلَ ونختم
|