يا ليلُ! ما تصنعُ النفسُ التي سكنتْ
|
هذا الوجودَ، ومِنْ أعدائها القَدَرُ؟
|
ترضى وَتَسْكُتُ؟ هذا غيرُ محتَمَلٍ!
|
إذاً، فهل ترفضُ الدنيا، وتنتحرُ؟
|
وذا جنونٌ، لَعَمْري، كلُّه جَزَعٌ
|
باكٍ، ورأيٌ مريضٌ، كُلُّه خَوَرُ!
|
فإنما الموتُ ضَرْبٌ من حَبائِله
|
لا يُفلتُ الخلقُ ما عاشوا، فما النَّظرُ؟
|
هذا هو اللّغْزُ، عَمَّاهُ وعَقَّدَهُ
|
على الخليقة ِ، وحْشٌ، فاتكٌ حذِرُ
|
قد كَبَّلَ القدرُ الضّاري فرائسَه
|
فما استطاعُو له دفْعاً، ولا حَزَروا
|
وخاطَ أعينَهم، كي لا تُشَاهِدَهُ
|
عينٌ، فتعلمَ ما يأتي وما يذرُ
|
وَحَاطَهُمْ بفنونٍ من حَبَائِلِهِ
|
فما لَهُمْ أبداً مِنْ بطشِه وَزرُ
|
لا الموتُ يُنقذُهم من هَوْل صولَتهِ
|
ولا الحياة ُ، تَسَاوَى النّاسُ والحَجَرُ!
|
حَارَ المساكينُ، وارتاعُوا، وأَعْجَزَهم
|
أن يحذروهُ، وهَلْ يُجْديهمُ الحذرُ
|
وَهُمْ يعيشونَ في دنيا مشيَّدة ٍ
|
منَ الخطوب، وكونٍ كلَّه خَطرُ؟
|
وكيف يحذرُ أعمَى ، مُدْلِجٌ، تَعِبٌ
|
هولَ الظَّلامِ، ولا عَزمٌ ولا بَصَرُ؟
|
قد أيقنوا أنه لا شيءَ يُنقذهُم
|
فاستسلموا لِسُكُونِ الرُّعْبِ، وانتظروا..
|
ولو رأوه لسَارتْ كي تحارِبَه
|
مِنَ الورى زُمَرٌ، في إثرِهَا زُمَرُ
|
وثارت الجنّ، والأملاك ناقمة ً
|
والبحرُ، والبَرُّ، والأفلاكُ، والعُصُر
|
لكنه قوَّة ٌ تُملي إرادتها
|
سِرَّا، فَنَعْنو لها قهراً، ونأتمرُ
|
حقيقة مُرَّة ، يا ليلُ، مُبْغَضَة ٌ
|
كالموت، لكنْ إليها الوِرْدُ والصَّدَرُ
|
تَنَهَّدَ اللَّيْلُ، حتَّى قلتُ: «قد نُثِرَتْ
|
تلك النجومُ، ومات الجنُّ والبشرُ
|
وَعَاد للصّمتِ..، يُصغي في كآبته
|
كالفيلسوف-إلى الدنيا، ويفتكرُ..
|
وقَهْقَهَ القَدرُ الجبّارُ، سخرية ً
|
بالكائنات. تَضَاحَكْ أيّها القدرُ!
|
تمشي إلى العَدَمِ المحتومِ، باكية ً
|
طوائفُ الخلق، والأشكالُ والصورُ
|
وأنتَ فوقَ الأسى والموت، مبتسمٌ
|
ترنو إلى الكون، يُبْنَى ، ثمّ يندَثِرُ
|