سجين بدر شاكر السياب

ذراعا أبي تلقيان الظلال

على روحي المستهام الغريب

ذراعا أبي و السراج الحزين

يطاردني في ارتعاش رتيب

وحفت بي الأوجه الجائعات

حيارى فيا للجدار الرهيب

ذراعا أبي تلقيان الظلال

على روحي المستهام الغريب

**

و طال انتظاري كأن الزمان

تلاشى فلم يبق إلا الانتظار

و عيناي ملء الشمال البعيد

فيا ليتني أستطيع الفرار

و أنتِ التقاء الثرى بالسماء

على الآل في نائيات القفار

و طال انتظاري كأن الزمان

تلاشى فلم يبق إلا الانتظار!

**

أألقاك؟ تأتي على النجوم

و تمضي و ما غير هذا السؤال

تغنيه في مسمعي الرياح

و تلقيه في ناظري الظلال

و ترنو على جرسه الأمنيات

إلى ذكريات الهوى في ابنتها

أألقاك تأتي على النجوم

و تمضي و ما غير هذا السؤال

**

أصيخي! أما تسمعين الرنين

تدوي به الساعة القاسية ؟؟

أصيخي فهذا صليل القيود

و قهقهة الموت في الهاويه!

زمان .. زمان يهز النداء

فؤادي فأدعوك يا نائية

أصيخي أما تسمعين الرنين

تدوي به الساعة القاسية!؟

**

أما تبصرين الدخان الثقيل

يجر الخطى من فم الموقد

تلوى فأبصرت فيه الظهور

وقد قوستها عصا السيد

و أبصرت فيه الحجاب الكثيف

على جبهة العالم المجهد

أما تبصرين الدخان الثقيل

يجر الخطى من فم الموقد

**

و لا بد من ساعة من مكان

لروحين ما زالتا في ارتقاب

سألقاك أين الزمان الثقيل

إذا ما التقينا و أين العذاب؟!

سينهار على مقلتيك الجدار

و تفنى ذراعا أبي كالضباب

و لا بد من ساعة من مكان

لروحين ما زالتا في ارتقاب!

**

و كيف التلاقي و بين المنى

و إدراكهن الدخان الثقيل؟

تموج الأساطير في جانبيه

و يحبو على صدره المستحيل

و نحن الغريقان في لجه

سننسى الهوى فيه عما قليل

و كيف التلاقي و بين المنى

و إدراكهن الدخان الثقيل

**

لينهد هذا الجدار الرهيب

و تندك حتى ذراعا أبي

أحاطت بي الأعين الجائعات

مرايا من النار في غيهب

إذا أستطعب مهرباً مقلتاي

تصدى خيالان في مهربي

فأبصرت ظلين لي في الجدار

أو استوقغني ذراعا أبي

**

سابقى وراء الجدار البغيض

وعيناي لا تبرحان الطريق

أعد الليالي خلال الكرى

وارعى نجوم الظلام العميق

فلا تيأسي- أن تمر السنون

و يطفين في وجنتيك البريق

سأبقى وراء الجدار القديم

وعينان لا تبرحان الطريق