هناك فوق الربوة العالية
|
هناك في الأصائل الساجيه
|
فتاة أحلام خالية
|
تسبح في أجوائها النائيه
|
الصمت والظلّ وأفكارها
|
رفاقها ، والسرحة الحانية
|
*
|
حياتها قصيدة فذّة
|
منبعها الحسّ ونيرانه
|
وحلم محيّر تائه
|
من قلق اللهمة ألوانه . .
|
حياتها بحر نأى غوره
|
وإن بدت للعين شطآنه
|
*
|
رنت فتاة الشعر مأخوذةً
|
بصور الطبيعة الخالية
|
والأفق الغربي تطفو به
|
ألوانه الورديه اللّاهبه
|
كأنه أرض خرافيّةٌ
|
هوت اليها شمسه الغاربه
|
*
|
ودّت وفيها لهفٌ كاسح
|
لو تأخذ الكون الى صدرها
|
تحضنه وتشبع الروح من
|
آياته الكبرى ومن سحرها
|
تعانق الأرض . . تضمُ السنا
|
تقبّل الغيوم في سيرها
|
*
|
ودفعت بعينها في المدى
|
تنهبه بالنظرة الواغله
|
ما أجمل الوجود ! واستغرقت
|
في نشوة فائضة شامله
|
تلتهم الكون بإحساسها
|
بقلبها، بروحها الذّاهلة
|
*
|
ما أجمل الوجود !! لكنها
|
أيقظها من حلو أحساسها
|
فراشة تجدَ لت في الثرى
|
تودعه آخر أنفاسها
|
تموت في صمت كأن لم تفض
|
مسارح الروض بأعراسها
|
*
|
دنت إليها و انثنت فوقها
|
ترفعها مشفقة حانيه:
|
أختاه ، ماذا ؟هل جفاك الندى
|
فمتّ في أيامك الزاهية ؟
|
هل صدّ عنك الزهر ؟هل ضيّعت
|
هواك أنسام الربى اللاهيه؟
|
*
|
كم أشعلت روحك حمّى الصبى
|
وأنت سكرى بالشذى و الرضاب
|
طافرةً بين رياض الهوى
|
راقصة فوق الربى و الهضاب
|
توشوشين الزهر حتى يُرى
|
منفعلاً من هذيانِ الشباب
|
*
|
كم بلبل بالورد ذي صبوةٍ
|
ألهبت فيه الغيرة السّاعرة
|
كم زنبق عانقته كم شذى
|
روّيت منه روحك الفائره.
|
فأين منك الآن دنيا الهوى
|
وأين أحلام الهوى الساحره!!
|
*
|
ماذا ؟ تموتين ؟ فوا حسرتا
|
على عروس الروض بنت الربيع
|
أهكذا في فوران الصّبى
|
يطويك إعصار الفناء المريع
|
وحيدةً ، لا شيّعتك الربى
|
ولا بكى الروض بقلب صديع
|
أختاه لا تأسي فهذي أنا
|
أبكيك بالشعر الحنون الرقيق
|
قد أنطوي مثلك منسيّةً
|
لا صاحب يذكرني أو رفيق
|
أواه : ما أقسى الردى ينتهي
|
بنا الى كهف الفناء السحيق !
|
واضطربت اعماقها مثلما
|
دوّم إعصارٌ بقلب الخضم
|
و انتفضت مذعورة في أسىً
|
و ارتعدت مرعوبة في ألم
|
فلم يكن يصدم أحلامها
|
إلا رؤى الموت وطيف العدم
|
وحدّقت في غير شيء وقد
|
حوّمت الأشباح في رأسها
|
ولا صور الوجود خلابة
|
تنبعث النشوة في نفسها
|
ولا رؤى الخيال رفّافة
|
تخدّر المحموم من هجسها
|
و دفق الليل كبحر طغى
|
فانحدرت تحت عباب المساء
|
تخبط في الدرب و قد غمغمت
|
شاخصة المقلة نحو السماء
|
يا مبدع الوجود ، لو صنته
|
من عبث الموت و طيش الفناء !.
|