سمو فدوى طوقان

أحبّك للفنّ ، يسمو هواك بنفسي نحو الرحاب العلى

فيدني إليها معاني السماء ، وينأى بها عن معاني الثرى

سموت بقلبي وروحي فراحا يفيضان بالشعر شعر الهوى

ونضّرت عيشي ، فأمسى غضيراً ترف عليه زهور المنى

ورفرف في القلب حلم سعيد جميل الخيالات حلو الرؤى

وقد كنت في وحشة لا أرى لي أليفاً يبدّد عنّي الأسى

فلا النفس يسعدها فيض حب ، ولا القلب يسطع فيه السنى

الى ان تجليت روحاً مشعاً كنجم تلألأ لأبن السّرى

فضوّ أت أيامي الحالكات وأفغمتها بذكيّ الشذى

وأحييت نفسي بأسمى هوى هو الخلد أو نفحات السما

وأرويت روحي بصوب الحنان كالروض أرواه صوب الحيا.

ومن عجب أنني لا أراك ولكن أحسك روحاً هفا

يحن إليّ ويحنو عليّ وينساب حولي هنا أو هنا

إذا ما صحوت ، اذا ما غفوت ، اذا ضجّ يومي وليلي سجا

رقيقاً شفيفا كنور الصباح زكياً نقياً كقطر الندى

فيا أيها الروح ، ما أنت ؟ قل لي ، أأنت من الله روح الرضى ؟

وهل أنت ظلّ الأمان الظليل دنا ليّ من سدرة المنتهى ؟

ترى شعّ نور الإله بنفسي ليجلو الطريق ويهدي الخطى ؟

وهل للملائك الحان حبٍ فأنت بقلبي رجع الصدى ؟

فإني أحسّك روح الرضى وظلّ الأمان ونور الهدى

وأصغي لدقّات قلبي لحناً طهوراً بعيد المدى

يوقعه حبك المستفيض فيذهلني وقعه المشتهى

وتغمرني سكرات التجلي كأن الإله لعيني بدا ! . .

أخالك صورة حبس كبير

جلاها لعيني وحي السما

تهيئ روحي لصوفيّةٍ

وتنفض عنها غبار الثرى