وأنا وحدي فدوى طوقان

في الليل ، إذ تهبط روح الظلام

مرسلة فيه الرؤى الهائمة

يطيف بي في يقظتي الحالمه

طيف ولكن ما له شكل

يحضنه جفني ، ولا ظلّ

وإنما بحسّي الملهم

أعيه شيئاً ملغزاً مبهم

كأنما طلسمه الليل

وكلما رفعت في وحدتي

له مصابيحي انزوى في القتام

في الليل ، اذ تنعس روح الوجود

يخطفني شيء وراء الفضاء

كأنما تحملني في الخفاء

ضبابة تسير في تيه

لا لمعة تجلو دياجيه

لكن روحاً غير منظور

وإراده دوني ألف ديجور

أحسّه في لا تناهي المدى

يشّدني الى بعيد بعيد

في الليل إذ تخشع روح السكون

أسمع في الهدأة صوتاً غريب

صوتاً له طعم ولون رطيب

طعم ، ولكن غير أرضي

لون ، ولكن غير مرئي

طيب ، ولكن . .

لا ، فما أدري

ما كنهه ، كأنما يسري

من عالم هناك غيبيّ

تظل روحي وهي مأخوذة

تصغي اليه من وراء الدجون

ما أنت يا من في ظلال الليال

احسّه ملء حنايا الوجود

في الأرض ، في الأثير في اللاحدود

في قلب قلبي في سماواتي

هلاّ توضّحت لآفاقي ؟!

هلاّ تجسّدت لأشواقي ؟!

هلاّ ؟

ولكن كيف ؟

هيهات

فأنت مثل الغيب ما تنجلي

يا لغز . . يا حقيقة كالخيال !