هولاهوب فاطمة ناعوت

إلى إعصار ريتا
هيوستن- أمريكا

حولَ كاحلِ ساقِها اليسرى
خيطٌ
في نهايتِه كرةٌ خضراء
والفكرةُ
أن تثبَ البنتُ
فتدورُ التفاحةُ حول اليمنى
دون خطأْ.

أنتِ عسراءُ يا ريتا ؟
ولماذا ظلُّكِ محبوكٌ حول خِصرِكِ
مثل طفلةِ لا تسمعُ الكلام؟

الكهولُ النيئونَ
يبحثون داخل فساتينِ الصبايا
عن فصوصِ الثومِ
والصبايا يسترقنَ السمعَ لحفيفِ الطواحين،
وأنا،
أرفعُ بحذرٍ طرْفَ الرصيفِ القديم
كي أطمئن على أحلامي المخبأةِ.

بين ريتا وعيوني
لوحُ زجاجٍ
يثرثرُ كثيرًا
يتوهجْ،
وصبيٌّ
تركَ الغرفةَ مبعثرةً
والحاسوبَ المأزومَ مندهشًا،
وركضَ
كي يطاردَ الإوزاتِ في النهرْ
بعدما سئمَ من حكايا القرويين
حول الثورة.

إوزّةٌ
تحملُ مربعاتِ شطرنج،
وإوزّةٌ
تحمل ثورًا بقرنين على رأسِه قبعةٌ،
والماءُ
لم يزل ممزقًا فوق الرمل.

هل راحَ الإعصارُ يا ناس ؟
منذ عشرين دقيقة،
وريتا تختبئُُ خلف الشجرة.

بيننا
شعاعُ ضوءٍ
لن يعودَ قبلَ أن يفقأ عينَ الذي قالَ
تعبٌ على تعبٍ،
وبيننا
مدينةٌ سطّحتْ أبنيتَها المدافعُ
إلا كوخًا يحتلُّ علامةَ (+) في كل عدسات التصويب
من يسكنُ الكوخَ ؟
نحّاتٌ فطريٌّ
وبعضُ طمي.

يا ريتا
من علّمكِ أن تحجلي هكذا
دون أن تمسَّ التفاحةُ الأرضَ؟
يجهزونَ لكِ الآنَ كبسولةً زجاجية
تتفرجين منها على الخائفين.

أنا مثلكم
أخفيتها في جيب المريول
(الحريةَ التي خطفتُها من ريشةٍ)
حتى أصادفَ معلمتي القديمة
ذاتَ الجوربِ البارد
والعين التي تركضُ خلف القطاراتْ.

حسنًا فعلتِ إذ تنظرين الآن صوب الشرق
لأن هذا الطفلَ،
(الذي يُخرجُ لسانَه ويشيرُ بإصبعهِ على نحوٍ قبيح)
لا يرهبُ سقوطَ المآذنِ والأبراجْ
في الليلِ
سيعيدُ رفعَها بعيدانِ ثقابٍ وقطعةِ صلصال.

بيني وبينك فتىً
لا يحبُ الفرحَ والهودجَ وشمعةَ العُرْس
عبأ سيارتَه بالوقود
وطار إلى فوق
فلماذا يا ريتا لم تشدي قميصَه
كي يتأكد أنكِ بنتٌ طيبة
لا تكسرُ حُلمَ الوُلْدان؟

اكتبي وصيتَكِ الآن
وأودعيها قنينةً
ثم القي بها في خليجِ العقبة
سأمرُّ يومًا
من هناك.

القاهرة / سبتمبر 2005