روحي التي بالأمس كانت ترتع
|
في الغاب مثل الظبية القمراء
|
تقتات بالثمر الجنّي فتشبع
|
ويبلّ غلّتها رشاش الماء
|
نظرت إليك فأصبحت لا تقنع
|
بالماء والأفياء في الغبراء
|
تصغي وتنصت ، والحمامة تسجع
|
إصغاؤها لك ليس للورقاء
|
ناديتها ، فلها إليك تطلّع
|
هذا التطلع كان أصل شقائي
|
جنّحتي كيما أطير فلم أطر
|
هيهات إنك قد طويت سمائي
|
...
|
قد كان يسبيني الجمال الرائع
|
حتى لمحتك فهو لا يسيبني
|
عصفت بصدري لليقين زوابع
|
ثلّث عروش توهمي وظنوني
|
فأنا على ما ضاع مني جازع
|
إن الذي قد ضاع جدّ ثمين
|
لولاك ما مات الخيال اليافع
|
أفتعجبين إذا كرهت يقيني
|
هذا صنيعك بي ، فما أنا صانع؟
|
قد شاء بحرك أن تضلّ سفيني
|
جرّدت هذا الطين من أوهامه
|
وكبرت عن قارورة من طين
|
...
|
كيف الوصول إليك يا نار القرى،
|
أنا في الحضيض وأنت في الجوزاء
|
لي ألف باصرة تحنّ كما ترى
|
لكنّ دونك ألف ألف غطاء
|
لو من ثرى ، مزّقتها بيد الثرى،
|
لكنها سُجُفٌ من الأضواء
|
ساءلت قلبي إذ رأى فتحّيرا
|
ماذا شربت فمدت؟ قال: دمائي
|
يا ليته قد ظلّ أعمى كالورى
|
فلقد نعمت، وكان في ظلماء
|
قد شوشت كفّ النهار سكينتي
|
يا هذه ، ردّي إلّي مسائي
|
...
|
أمسيت حين لمستني بيديك
|
لي ألف باصرة وألف جناح
|
ولمحت نار الوحي في عينيك،
|
والوحي كان سلافة الأرواح
|
فتشرت أجنحي وحمت عليك
|
متوهما أني وجدت صباحي
|
قذ كان حتفي في الدنو إليك
|
حتف الفراشة في فم المصباح
|
فسقطت مرتعشا على قدميك
|
ألنار مهدي والدخان وشاحي
|
يا ليت نورك حين أحرقني انطوى
|
فعلى ضيائك قد لمست جراحي
|